تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ٣٤٧
84 قوله تعالى * (أفلا يتدبرون القرآن) * يعني أفلا يتفكرون في مواعظ القرآن ليعتبروا بها ويقال أفلا يتفكرون في معاني القرآن فيعلمون أنه من عند الله تعالى لأنه * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * يعني تناقصا كثيرا ويقال أباطيل وكذبا كثيرا لأن الاختلاف في قول الناس وقول الله تعالى لا اختلاف فيه فلهذا قال أهل النظر إن الإجماع حجة لأن الإجماع من الله تعالى ولو لم يكن من الله تعالى لوقع فيه الاختلاف ولهذا قالوا إن القياس إذا انتقض سقط الاحتجاج به لأنه لو كان حكم الله تعالى لم يرد عليه نقض قوله تعالى * (وإذا جاءهم أمر من الأمن) * يعني المنافقين جاءهم خبر من أمر السرية بالفتح والغلبة على العدو سكتوا وقصروا عما جاءهم من الخبر * (أو الخوف) * يعني وإن جاءهم خبر من السرية ببلاء وشدة نزلت بالمؤمنين * (أذاعوا به) * يعني أفشوه * (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم) * قال الكلبي لو سكتوا عن إفشائه حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يفشيه " وأولو الأمر " منهم مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم * (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * يقول يتبعونه منهم فيكون هؤلاء الذين يسمعونه ويفشونه ويعلمونه * (إلا قليلا منهم) * قال تعالى * (ولولا فضل الله عليكم ورحمته) * يعني لولا من الله عليكم ونعمته * (لاتبعتم الشيطان) * فيه تقديم وتأخير وقال مقاتل أذاعوا به يعني أفشوه * (إلا قليلا) * منهم لا يفشون الخبر وقال الزجاج " أذعوا به " يعني أظهروه ومعنى * (يستنبطونه منهم) * يعني يستخرجونه وأصله من النبط وهو أول الماء الذي يخرج من البئر إذا حفرت ولو ردوا ذلك إلى أن يأخذوا من قبل الرسول ومن قبل أولي الأمر منهم لعلمه هؤلاء الذين أذاعوا به من ضعف المؤمنين وعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم وذوي العلم وكانوا يعلمون مع ذلك وقال عكرمة لعلمه الذين يخوضون فيه ويسألون عنه وقال أبو العالية يعني الذين يتجسسونه منهم وقال الضحاك ولو ردوا أمرهم في الحلال والحرام إلى الرسول في التصديق به والقبول منه * (وإلى أولي الأمر منهم) * يعني حمله الفقه والحكمة * (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) * يعني يتفحصون عن العلم * (ولولا فضل الله عليكم) * بالنبي صلى الله عليه وسلم * (ورحمته) * بالقرآن * (لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) * وهم الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى وفي هذه الآية دليل على جواز الاستنباط من الخبر والكتاب لأن الله تعالى قد أجاز الاستنباط من قبل الرسول وأهل العلم قوله تعالى (فقاتل في سبيل الله) يعني في طاعة الله * (لا تكلف إلا نفسك) * قال مقاتل يعني ليس عليك ذنب غيرك وقال الزجاج أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهاد وإن قاتل
(٣٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 ... » »»