عبر عند النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أصبت بعضا وأخطأت بعضا " فقال أبو بكر:
أقسمت عليك يا رسول الله لتخبرني! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقسم! " وروي أنه قال:
والله لتخبرني! فجعل النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " أقسمت عليك " يمينا، فمن الناس من يكره القسم لقوله: " لا تقسم " ومنهم من لا يرى به بأسا وأنه إنما قال: " لا تقسم " لأن عبارة الرؤيا ظن قد يقع فيها الخطأ، وهذا يدل أيضا على أنه ليس على من أقسم عليه غيره أن يبر قسمه، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يخبره لما أقسم عليه ليخبره. ويدل أيضا على أن من علم تأويل رؤيا فليس عليه الإخبار بها، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يخبر بتأويل هذه الرؤيا. وروى هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: كان أبو بكر قد استعمل عمر على الشام، فلقد رأيتني وأنا أشد الإبل بأقتابها، فلما أراد أن يرتحل قال له الناس: تدع عمر ينطلق إلى الشام؟ والله إن عمر ليكفيك الشام وهو ههنا! قال: أقسمت عليك لما أقمت. وروي عن ابن عباس أنه قال للعباس فيما خاصم فيه عليا من أشياء تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم بإيثاره: أقسمت عليك لما سلمته لعلي. وقد روى البراء قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبرار القسم وهذا يدل على إباحة القسم وأنه يمين، وهذا على وجه الندب لأنه صلى الله عليه وسلم لم يبر قسم أبي بكر لما قال: " أقسمت عليك ". وعن ابن مسعود وابن عباس وعلقمة وإبراهيم وأبي العالية والحسن: " القسم يمين ". وقال الحسن وأبو العالية: " أقسمت وأقسمت بالله سواء ".
باب من فرط في زكاة ماله قال الله تعالى: " وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت) الآية. روى عبد الرزاق قال: حدثنا سفيان عن أبي حباب عن أبي الضحى عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كان له مال تجب فيه الزكاة ومال يبلغه بيت الله ثم لم يحج ولم يزك سأل الرجعة "، وتلا قوله تعالى: (وأنفقوا مما رزقناكم) الآية، وقد روي ذلك موقوفا على ابن عباس. إلا أن دلالة الآية ظاهرة على حصول التفريط بالموت، لأنه لو لم يكن مفرطا ووجب أداؤها من ماله بعد موته لكانت قد تحولت إلى المال فلزم الورثة اخراجها، فلما سأل الرجعة علمنا أن الأداء فائت وأنه لا يتحول إلى المال ولا يؤخذ من تركته بعد موته إلا أن يتبرع به الورثة. آخر سورة المنافقين.