عن الصلاة وجب أن لا يمنع وقوعه وصحته، كالبيع في آخر وقت صلاة يخاف فوتها إن اشتغل به وهو منهي عنه، ولا يمنع ذلك صحته لأن النهي تعلق باشتغاله عن الصلاة.
وأيضا هو مثل تلقي الجلب وبيع حاضر لباد والبيع في الأرض المغصوبة ونحوها كونه منهيا عنه لا يمنع وقوعه. وقد روى عبد العزيز الدراوردي عن يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم من يبيع في المسجد فقولوا لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا رد الله عليك ". وروى محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع في المسجد وأن يشترى فيه وأن تنشد فيه ضالة أو تنشد فيه الأشعار، ونهى عن التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة ". وروى عبد الرزاق قال: حدثنا محمد بن مسلم عن عبد ربه بن عبيد الله عن مكحول عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " جنبوا مساجدكم مجانينكم وصبيانكم ورفع أصواتكم وسل سيوفكم وبيعكم وشراءكم وإقامة حدودكم وخصومتكم وجمروها يوم جمعكم واجعلوا مطاهركم على أبوابها "، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع في المسجد، ولو باع فيه جاز لأن النهي تعلق بمعنى في غير العقد.
باب السفر يوم الجمعة قال أصحابنا: " لا بأس به قبل الزوال وبعده إذا كان يخرج من مصره قبل خروج وقت الظهر " حكاه محمد في السير بلا خلاف. وقال مالك: " لا أحب له أن يخرج بعد طلوع الفجر وليس بحرام، وبعد الزوال لا ينبغي أن يسافر حتى يصلي الجمعة ". وكان الأوزاعي والليث والشافعي يكرهون السفر يوم الجمعة حتى يصلي. وروى حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم بن عيينة عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه ابن رواحة وجعفرا وزيد بن حارثة، فتخلف ابن رواحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما خلفك؟ " قال: الجمعة يا رسول الله أجمع ثم أروح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها "، قال: فراح منطلقا. وروى سفيان الثوري عن الأسود بن قيس عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال:
" لا تحبس الجمعة عن سفر "، ولا نعرف أحدا من الصحابة خالفه. وروى يحيى بن سعيد عن نافع أن ابنا لعبد الله بن عمر كان بالعقيق على رأس أميال من المدينة، فأتى ابن عمر غداة الجمعة فأخبر بشكواه، فانطلق إليه وترك الجمعة. وقال عبيد الله بن عمر:
خرج سالم من مكة يوم الجمعة. وروي عن عطاء والقاسم بن محمد أنهما كرها أن يخرج يوم الجمعة في صدر النهار. وعن الحسن وابن سيرين قالا: " لا بأس بالسفر يوم