على الزوج لا في مال الحمل دل على أن وجوب النفقة متعلق بكونها محبوسة في بيته.
وأيضا كان يجب أن تكون في الطلاق الرجعي نفقة الحامل في مال الحمل إذا كان له مال، كما أن نفقته بعد الولادة من ماله، فلما اتفق الجميع على أن نفقتها في الطلاق الرجعي لم تجب في مال الحمل وجب مثله في البائن وكان يجب أن تكون نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها في نصيب الحمل من الميراث.
فإن قيل: فما فائدة تخصيص الحامل بالذكر في إيجاب النفقة؟ قيل له: قد دخلت فيه المطلقة الرجعية ولم يمنع نفي النفقة لغير الحامل، فكذلك في المبتوتة، وإنما ذكر الحمل لأن مدته قد تطول وتقصر، فأراد إعلامنا وجوب النفقة مع طول مدة الحمل التي هي في العدة أطول من مدة الحيض. ومن جهة النظر أن الناشزة إذا خرجت من بيت زوجها لا تستحق النفقة مع بقاء الزوجية، لعدم تسليم نفسها في بيت الزوج، ومتى عادت إلى بيته استحقت النفقة، فثبت أن المعنى الذي تستحق به النفقة هو تسليم نفسها في بيت الزوج، فلما اتفقنا ومن أوجب السكنى على وجوب السكنى وصارت بها مسلمة لنفسها في بيت زوجها وجب أن تستحق النفقة. وأيضا لما اتفق الجميع على أن المطلقة الرجعية تستحق النفقة في العدة وجب أن تستحقها المبتوتة، والمعنى فيها أنها معتدة من طلاق، وإن شئت قلت إنها محبوسة عليه بحكم عقد صحيح وإن شئت قلت إنها مستحقة للسكنى، فأي هذه المعاني اعتللت به صح القياس عليها. ومن جهة السنة ما روى حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن الشعبي: أن فاطمة بنت قيس طلقها زوجها طلاقا بائنا، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لا نفقة لك ولا سكنى "، قال: فأخبرت بذلك النخعي فقال: قال عمر بن الخطاب، وأخبر بذلك فقال: لسنا بتاركي آية في كتاب الله وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول امرأة لعلها أوهمت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها السكنى والنفقة. وروى سفيان عن سلمة عن الشعبي عن فاطمة عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه لم يجعل لها حين طلقها زوجها ثلاثا سكنى ولا نفقة "، فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: قد رفع ذلك إلى عمر فقال: لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا لقول امرأة لها السكنى والنفقة. فقد نص هذان الخبران على إيجاب النفقة والسكنى، وفي الأول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لها السكنى والنفقة " ولو لم يقل ذلك كان قوله: " لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا " يقضي أن يكون ذلك نصا من النبي صلى الله عليه وسلم في إيجابهما.
واحتج المبطلون للسكنى والنفقة ومن نفى النفقة دون السكنى بحديث فاطمة بنت قيس هذا، وهذا حديث قد ظهر من السلف النكير على راويه، ومن شرط قبول أخبار الآحاد تعريها من نكير السلف، أنكره عمر بن الخطاب على فاطمة بنت قيس في الحديث