أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٤٩٨
ومن سورة ص بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: (يسبحن بالعشي والإشراق). روى معمر عن عطاء الخراساني عن ابن عباس قال: " لم يزل في نفسي من صلاة الضحى حتى قرأت: (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق) ". وروى القاسم عن زيد بن أرقم قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل قباء وهم يصلون الضحى، فقال: " إن صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال من الضحى ". وروى شريك عن زيد بن أبي زياد عن مجاهد عن أبي هريرة قال: " أوصاني خليلي بثلاث ونهاني عن ثلاث، أوصاني بصلاة الضحى والوتر قبل النوم وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ونهاني عن نقر كنقر الديك والتفات كالتفات الثعلب وإقعاء كإقعاء الكلب ". وروى عطية عن أبي سعيد الخدري قال كان: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها ". وروي عن عائشة وأم هانىء: " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ". وعن ابن عمر: " أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها "، وقال ابن عمر: " هي من أحب ما أحدث الناس إلي ". وروى ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه سئل عن صلاة الضحى فقال: " إنها لفي كتاب الله وما يغوص عليها إلا غواص "، ثم قرأ: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال) [النور: 36].
قوله تعالى: (إنا سخرنا الجبال معه)، قيل: إنه سخرها معه فكانت تسير معه، وجعل ذلك تسبيحا منها لله تعالى لأن التسبيح لله هو تنزيهه عما لا يليق به، فلما كان سيرها دلالة على تنزيه الله جعل ذلك تسبيحا منها له.
قوله تعالى: (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب). حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا الحسن بن أبي الربيع قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن عمرو بن عبيد عن الحسن في قوله: (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب) قال: " جزأ داود الدهر أربعة أيام: يوما لنسائه، ويوما لقضائه، ويوما يخلو فيه لعبادة ربه، ويوما لبني إسرائيل يسألونه "، وذكر الحديث. قال أبو بكر: وهذا يدل
(٤٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 493 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 ... » »»