السجود، فجاز أن ينوب عنه إذ صار عبارة عنه.
قوله تعالى: (وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب). روى أشعث عن الحسن قال:
" العلم بالقضاء ". وعن شريح قال: " الشهود والإيمان ". وعن أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: فصل الخطاب، قال: " الخصوم ". قال أبو بكر: الفصل بين الخصوم بالحق، وهذا يدل على أن فصل القضاء واجب على الحاكم إذا خوصم إليه، وأنه غير جائز له إهمال الحكم. وهو يبطل قول من يقول إن الناكل عن اليمين يحبس حتى يقر أو يحلف، لأن فيه إهمال الحكم وترك الفصل. وروى الشعبي عن زياد أن فصل الخطاب " أما بعد " وليس زياد ممن يعتد به في الأقاويل ولكنه قد روى، وعسى أن يكون ذهب إلى أنه فصل بين الدعاء في صدر الكتاب وبين الخطاب المقصود به الكتاب.
قوله تعالى: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى). حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن حميد بن سلمة عن الحسن قال: " إن الله أخذ على الحكام ثلاثا: أن لا يتبعوا الهوى، وأن يخشوه ولا يخشوا الناس، وأن لا يشتروا بآياته ثمنا قليلا "، ثم قرأ: " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى " الآية، وقرأ: (إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا) إلى قوله: (فلا تخشوا الناس واخشون) [المائدة: 44]. وروى سليمان بن حرب عن حماد بن أبي سلمة عن حميد قال: لما استقضى إياس بن معاوية أتاه الحسن، فبكى إياس فقال له الحسن: ما يبكيك يا أبا وائلة؟ قال: بلغني أن القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة، رجل اجتهد فأخطأ فهو في النار ورجل مال به الهوى فهو في النار ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة، قال الحسن: إن فيما قص الله من نبأ داود وسليمان: (إذ يحكمان في الحرث) [الأنبياء: 78] إلى قوله: (وكلا آتينا حكما وعلما) [الأنبياء: 79] فأثنى على سليمان ولم يذم داود، ثم قال الحسن: إن الله أخذ على الحكام ثلاثا، وذكر نحو الحديث الأول.
قال أبو بكر: قد بين في حديث أبي بريدة معنى ما ذكر في الحديث الذي رواه إياس بن معاوية أن القاضي إذا أخطأ فهو في النار، وهو ما حدثنا محمد بن بكر البصري قال: حدثنا أبو داود السجستاني قال: حدثنا محمد بن حسان السمني قال: حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " القضاة ثلاثة:
واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل