أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٤٢٣
والحسن: " منور السماوات والأرض بنجومها وشمسها وقمرها ".
وقوله تعالى: (مثل نوره)، قال أبي بن كعب والضحاك: " الضمير عائد على المؤمن في قوله: (نوره) بمعنى: مثل النور الذي في قلبه بهداية الله تعالى ". وقال ابن عباس: " عائد على اسم الله، بمعنى: مثل نور الله الذي هدى به المؤمن "، وعن ابن عباس أيضا: " مثل نوره وهو طاعته ". وقال ابن عباس وابن جريج: " المشكاة الكوة التي لا منفذ لها "، وقيل إن المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة وهو مثل الكوة. وعن أبي بن كعب قال: " هو مثل ضربه الله تعالى لقلب المؤمن، فالمشكاة صدره والمصباح القرآن والزجاجة قلبه " قال: " فهو بين أربع خلال إن أعطى شكر وإن ابتلي صبر وإن حكم عدل وإن قال صدق ". وقال: (نور على نور)، " فهو ينقلب على خمسة أنوار:
فكلامه نور وعمله نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره إلى النور يوم القيامة إلى الجنة ". وقيل: (نور على نور) أي نور الهدى إلى توحيده على نور الهدى بالقرآن الذي أتى به من عنده. وقال زيد بن أسلم (نور على نور) " يضيء بعضه بعضا ".
قوله تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها) الآية. قيل إن معناه أن المصابيح المقدم ذكرها في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو. وقيل: " توقد في بيوت أذن الله أن ترفع ". وقال ابن عباس: " هذه البيوت هي المساجد "، وكذلك قال الحسن ومجاهد. وقال مجاهد: " أن ترفع معناه ترفع بالبناء، كما قال: (إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت) [البقرة: 127] "، وقال: " أن ترفع أن تعظم بذكره لأنها مواضع الصلوات والذكر ". وروى ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه سئل عن صلاة الضحى فقال: " إنها لفي كتاب الله وما يغوص عليها إلا غواص " ثم قرأ: (في بيوت أذن الله أن ترفع).
قال أبو بكر: يجوز أن يكون المراد الأمرين جميعا من رفعها بالبناء ومن تعظيمها جميعا، لأنها مبنية لذكر الله والصلاة، وهذا يدل على أنه يجب تنزيهها من العقود فيها لأمور الدنيا مثل البيع والشراء وعمل الصناعات ولغو الحديث الذي لا فائدة فيه والسفه وما جرى مجرى ذلك. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم وبيعكم وشراءكم وإقامة حدودكم وجمروها في جمعكم وضعوا على أبوابها المطاهر ".
وقوله تعالى: (يسبح له فيها بالغدو والآصال)، قال ابن عباس والضحاك:
" يصلى له فيها بالغداة والعشي ". وقال ابن عباس: " كل تسبيح في القرآن صلاة ".
وقوله تعالى: (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله). روي عن الحسن في
(٤٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 418 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 ... » »»