أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٣٤٢
ثابت عمن شهد عليا رضي الله عنه: " أنه أقام على رجل الحد فضربه على قبا أو قرطق ".
ومذهب أصحابنا موافق لما روي عن السلف في هذه الأخبار، ويد على صحته أن من عليه حشو أو فرو فلم يصل الألم أن الفاعل لذلك غير ضارب في العادة، ألا ترى أنه لو حلف أن يضرب فلانا فضربه وعليه حشو أو فرو فلم يصل إليه الألم أنه لا يكون ضاربا ولم يبر في يمينه ولو وصل إليه الألم كان ضاربا؟.
في إقامة الحدود في المسجد قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والشافعي: " لا تقام الحدود في المساجد "، وهو قول الحسن بن صالح. قال أبو يوسف: وأقام ابن أبي ليلى حدا في المسجد فخطأه أبو حنيفة. وقال مالك: " لا بأس بالتأديب في المسجد خمسة أسواط ونحوها، وأما الضرب الموجع والحد فلا يقام في المسجد ".
قال أبو بكر: روى إسماعيل بن مسلم المكي عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقام الحدود في المساجد ولا يقتل بالولد الوالد ".
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم وشراءكم وبيعكم وإقامة حدودكم وجمروها في جمعكم وضعوا على أبوابها المطاهر ".
ومن جهة النظر أنه لا يؤمن أن يكون من المحدود بالمسجد من خروج النجاسة ما سبيله أن ينزه المسجد عنه.
في الذي يعمل عمل قوم لوط قال أبو حنيفة: " يعزر ولا يحد ". وقال مالك والليث: " يرجمان أحصنا أو لم يحصنا ". وقال عثمان البتي والحسن بن صالح وأبو يوسف ومحمد والشافعي: " هو بمنزلة الزنا "، وهو قول الحسن وإبراهيم وعطاء. قال أبو بكر: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث: زنا بعد إحصان وكفر بعد إيمان وقتل نفس بغير نفس "، فحصر صلى الله عليه وسلم قتل المسلم إلا بإحدى هذه الثلاث، وفاعل ذلك خارج عن ذلك لأنه لا يسمى زنا.
فإن احتجوا بما روى عاصم بن عمرو عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الذي يعمل عمل قوم لوط فارجموا الأعلى والأسفل وارجموهما جميعا "، وبما روى الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»