تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء) [الأنعام: 35] فحذف منه " فافعل ". والثاني:
" هو ما شاء الله ". وقد أفاد أن قول القائل منا " ما شاء الله " ينتظم رد العين وارتباط النعمة وترك الكبر، لأن فيه إخبار أنه لو قال ذلك لم يصبها ما أصاب.
قوله تعالى: (إلا إبليس كان من الجن)، فيه بيان أنه ليس من الملائكة لأنه أخبر انه من الجن، وقال الله تعالى: (والجان خلقناه من قبل من نار السموم) [الحجر:
27]، فهو جنس غير جنس الملائكة كما أن الإنس جنس غير جنس الجن. وروي أن الملائكة أصلهم من الريح كما أن أصل بني آدم من الأرض وأصل الجن من النار.
قوله تعالى: (نسيا حوتهما)، والناسي له كان يوشع بن نون، فأضاف النسيان إليهما كما يقال: نسي القوم زادهم، وإنما نسيه أحدهم، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث ولابن عم له: " إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أحدكما "، وإنما يؤذن ويقيم أحدهما، وقال: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم) [الأنعام: 130] وإنما هم من الإنس.
قوله تعالى: (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا)، يدل على إباحة إظهار مثل هذا القول عندما يلحق الانسان نصب أو تعب في سعي في قربة، وأن ذلك ليس بشكاية مكروهة.
مطلب: فعل الحكيم للضرر لا يجوز أن يستنكر وما ذكره الله تعالى في قصة موسى عليه السلام مع الخضر فيه بيان أن فعل الحكيم للضرر لا يجوز أن يستنكر إذا كان فيه تجويز فعله على وجه الحكمة المؤدية إلى المصلحة، وأن ما يقع من الحكيم من ذلك بخلاف ما يقع من السفيه، وهو مثل الصبي الذي إذا حجم أو سقي الدواء استنكر ظاهره وهو غير عالم بحقيقة معنى النفع والحكمة فيه، فكذلك ما يفعل الله من الضرر أو ما يأمر به غير جائز استنكاره بعد قيام الدلالة أنه لا يفعل إلا ما هو صواب وحكمة، وهذا أصل كبير في هذا الباب. والخضر عليه السلام لم يحتمل موسى أكثر من ثلاث مرات، فدل على أنه جائز للعالم احتمال من يتعلم منه المرتين والثلاث على مخالفة أمره، وأنه جائز له بعد الثلاث ترك احتماله.
في الكنز ما هو قال الله تعالى: (وكان تحته كنز لهما). قال سعيد بن جبير: " علم ". وقال عكرمة: " مال ". وقال ابن عباس: " ما كان بذهب ولا فضة وإنما كان علما صحفا ".