أحكام القرآن - الجصاص - ج ٣ - الصفحة ٢٧٣
[الواقعة: 74] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اجعلوها في ركوعكم " فلما نزل: (سبح اسم ربك الأعلى) [الأعلى: 1] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اجعلوها في سجودكم ". وروى ابن أبي ليلى عن الشعبي عن صلة بن زفر عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه: " سبحان ربي العظيم " وفي سجوده: " سبحان ربي الأعلى " ثلاثا. وروى قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: " سبوح قدوس رب الملائكة والروح ". وروى ابن أبي ذئب عن إسحاق بن يزيد عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ركع أحدكم فليقل في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا، فإذا فعل ذلك فقد تم ركوعه " وذكر في سجوده: " سبحان ربي الأعلى ثلاثا ". وروي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فأكثروا فيه الدعاء، فإنه قمن أن يستجاب لكم ". وروي عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: " اللهم لك سجدت وبك آمنت " في كلام كثير. وجائز أن يكون ما رواه علي وابن عباس إنما كان يقوله قبل نزول: (سبح اسم ربك الأعلى) [الأعلى: 1] ثم لما نزل ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل في السجود، كما رواه عقبة بن عامر. وقال أصحابنا والثوري والشافعي: " يقول في الركوع سبحان ربي العظيم ثلاثا وفي السجود سبحان ربي الأعلى ثلاثا ". وقال الثوري: " يستحب للإمام أن يقولها خمسا في الركوع وفي السجود حتى يدرك الذين خلفه ثلاث تسبيحات ". وقال ابن القاسم عن مالك في الركوع والسجود إذا أمكن ولم يسبح فهو يجزي عنه، وكان لا يوقت تسبيحا. وقال مالك في السجود والركوع: " قول الناس في الركوع سبحان ربي العظيم وفي السجود سبحان ربي الأعلى لا أعرفه " فأنكره ولم يجد فيه دعاء موقتا، قال: " ولكن يمكن يديه من ركبتيه في الركوع ويمكن جبهته من الأرض في السجود "، وليس فيه عنده حد.
باب البكاء في الصلاة قال الله تعالى: (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا)، ومثله قوله تعالى:
(خروا سجدا وبكيا) [مريم: 58]. وفيه الدلالة على أن البكاء في الصلاة من خوف الله لا يقطع الصلاة، لأن الله تعالى قد مدحهم بالبكاء في السجود ولم يفرق بين سجود الصلاة وسجود التلاوة وسجدة الشكر. وروى سفيان بن عيينة قال حدثنا إسماعيل بن محمد بن سعد قال: سمعت عبد الله بن شداد قال: سمعت نشيج عمر رضي الله عنه وإني لفي آخر الصفوف، وقرأ في صلاة الصبح سورة يوسف حتى إذا بلغ (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) [يوسف: 86] نشج. ولم ينكر عليه أحد من الصحابة وقد كانوا خلفه،
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»