القتال فلا جزية عليه، فقالوا: من كان أعمى أو زمنا أو مفلوجا أو شيخا كبيرا فانيا وهو موسر فلا جزية عليه، وهو قولهم جميعا في الرواية المشهورة. وروي عن أبي يوسف في الأعمى والزمن والشيخ الكبير أن عليهم الجزية إذا كانوا موسرين، وروي عنه مثل قول أبي حنيفة. وروى ابن رستم عن محمد في نوادره قال: قلت: أرأيت أهل الذمة من بني تغلب وغيرهم ليس لهم حرفة ولا مال ولا يقدرون على شيء؟ قال: لا شيء عليهم، قال محمد: وإنما يوضع الخراج على الغني والمعتمل منهم. وقال محمد في النصراني يكتسب ولا يفضل له شئ عن عياله: " إنه لا يؤخذ بخراج رأسه ". وقالوا في أصحاب الصوامع والسياحين إذا كانوا لا يخالطون الناس: فلا جزية عليهم، و إن كانوا يخالطون الناس فعليهم الجزية، وكذلك النساء والصبيان لا جزية عليهم إذ ليسوا من أهل القتال.
وروى أيوب وغيره عن نافع عن أسلم قال: " كتب عمر إلى أمراء الجيوش أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم ولا يقتلوا النساء والصبيان ولا يقتلوا إلا من جرت عليه المواسي، وكتب إلى أمراء الأجناد أن يضربوا الجزية ولا يضربوها على النساء والصبيان ولا يضربوها إلا على من جرت عليه المواسي ". وروى عاصم عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ من كل حالم دينارا أو عدله من المعافر ".
مطلب: في مقدار الجزية وأما مقدار الجزية قال الله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فلم تكن في ظاهر الآية دلالة على مقدار منها بعينه. وقد اختلف الفقهاء في مقدارها، فقال أصحابنا: " على الموسر منهم ثمانية وأربعون درهما وعلى الوسط أربعة وعشرون درهما وعلى الفقير المعتمل اثنا عشر درهما "، وهو قول الحسن بن صالح. وقال مالك: " أربعة دنانير على أهل الذهب وأربعون درهما على أهل الورق الغني والفقير سواء لا يزاد ولا ينقص ". وقال الشافعي: " دينار على الغني والفقير ". وروى أبا إسحاق عن حارثة بن مضرب قال: " بعث عمر بن الخطاب عثمان بن حنيف فوضع على أهل السواد الخراج ثمانية وأربعين درهما وأربعة وعشرين درهما واثني عشر درهما ". وروى الأعمش عن إبراهيم بن مهاجر عن عمرو بن ميمون قال: " بعث عمر بن الخطاب حذيفة بن اليمان على ما وراء دجلة، وبعث عثمان بن حنيف على ما دون دجلة، فأتياه فسألهما: كيف وضعتما على أهل الأرض؟ قالا: وضعنا على كل رجل أربعة دراهم في كل شهر، قال:
ومن يطيق هذا؟ قالا: إن لهم فضولا "، فذكر عمرو بن ميمون ثمانية وأربعين درهما ولم يفصل الطبقات، وذكر حارثة بن مضرب تفصيل الطبقات الثلاث، فالواجب أن يحمل ما