للماضي فهو للتوبيخ، كقوله تعالى: (لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء) [النور: 13] و (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا) [النور: 12]. وقيل في الرباني: إنه العالم بدين الرب، فنسب إلى الرب، كقولهم: " روحاني " في النسبة إلى الروح، و " بحراني " في النسبة إلى البحر. وقال الحسن: " الربانيون علماء أهل الإنجيل، والأحبار علماء أهل التوراة ". وقال غيره: " هو كله في اليهود، لأنه متصل بذكرهم ".
وذكر لنا أبو عمر غلام ثعلب عن ثعلب قال: " الرباني العالم العامل ". وقد اقتضت الآية وجوب إنكار المنكر بالنهي عنه والاجتهاد في إزالته، لذمه من ترك ذلك.
قوله تعالى: (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم). وروي عن ابن عباس وقتادة والضحاك أنهم وصفوه بالبخل وقالوا: هو مقبوض العطاء، كقوله تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) [الإسراء: 29]. وقال الحسن:
" قالوا هي مقبوضة عن عقابنا ".
مطلب: في معاني اليد واليد في اللغة تنصرف على وجوه: منها الجارحة وهي معروفة. ومنها النعمة، تقول: لفلان عندي يد أشكره عليها، أي نعمة. ومنها القوة. فقوله أولي الأيدي فسروه بأولي القوى، ونحوه قول الشاعر:
تحملت من ذلفاء ما ليس لي به * ولا للجبال الراسيات يدان ومنها الملك، ومنه قوله: (الذي بيده عقدة النكاح) [البقرة: 237] يعني يملكها. ومنها الاختصاص بالفعل، كقوله تعالى: (خلقت بيدي) [ص: 75] أي توليت خلقه. ومنها التصرف، كقولك: " هذه الدار في يد فلان " يعني التصرف فيها بالسكنى أو الإسكان ونحو ذلك. وقيل: إنه قال تعالى: (بل يداه) على وجه التثنية، لأنه أراد نعمتين: إحداهما نعمة الدنيا، والأخرى نعمة الدين. والثاني: قوتاه بالثواب والعقاب، على خلاف قول اليهود، لأنه لا يقدر على عقابنا. وقيل: إن التثنية للمبالغة في صفة النعمة، كقولك: " لبيك وسعديك ". وقيل في قوله تعالى: (غلت أيديهم) يعني في جهنم، روي عن الحسن.
قوله تعالى: (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) فيه إخبار بغلبة المسلمين لليهود الذين تقدم ذكرهم في قوله: (وقالت اليهود يد الله مغلولة)، وفيه دلالة على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر به عن الغيب مع كثرة اليهود وشدة شوكتهم، وقد كان من