يحجم الآخر في رمضان: " أفطر الحاجم والمحجوم " فذكر الحجامة تعريفا لهما والإفطار واقع بغيرها. وقد روي في أخبار صحيحة أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، وهي هذه المرأة التي ذكر في الخبر أنها كانت تستعير المتاع وتجحده، فبين في هذه الأخبار أنه قطعها لسرقتها.
ويدل على اعتبار الحرز أيضا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه سئل عن حريسة الجبل فقال: " فيها غرامة مثلها وجلدات نكال، فإذا أواها المراح وبلغ ثمن المجن ففيه القطع "، وقال: " ليس في الثمر المعلق قطع حتى يأويه الجرين، فإذا أواه الجرين ففيه القطع إذا بلغ ثمن المجن ". ودلالة هذا الخبر على وجوب اعتبار الحرز أظهر من دلالة الخبر الأول، وإن كان كل واحد منهما مكتفيا بنفسه في وجوب اعتباره.
ولا خلاف بين فقهاء الأمصار في أن الحرز شرط في القطع، وأصله من السنة ما وصفنا.
والحرز عند أصحابنا ما بني للسكنى وحفظ الأموال من الأمتعة وما في معناها، وكذلك الفساطيط والمضارب والخيم التي يسكن الناس فيها ويحفظون أمتعتهم بها، كل ذلك حرز وإن لم يكن فيه حافظ ولا عنده، وسواء سرق من ذلك وهو مفتوح الباب أم لا باب له، إلا أنه محجر بالبناء، وما كان في غير بناء ولا خيمة ولا فسطاط ولا مضرب فإنه لا يكون حرزا إلا أن يكون عنده من يحفظه وهو قريب منه بحيث يكون حافظ له، وسواء كان الحافظ نائما في ذلك الموضع أو مستيقظا. والأصل في كون الحافظ حرزا له وإن كان في مسجد أو صحراء حديث صفوان بن أمية حين كان نائما في المسجد ورداؤه تحت رأسه، فسرقه سارق، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعه، ولا خلاف أن المسجد ليس بحرز، فثبت أنه كان محرزا لكون صفوان عنده، ولذلك قال أصحابنا: " لا فرق بين أن يكون الحافظ نائما أو مستيقظا " لأن صفوان كان نائما، وليس المسجد عندهم في ذلك كالحمام، فمن سرق من الحمام لم يقطع، وكذلك الخان والحوانيت المأذون في دخولها وإن كان هناك حافظ، من قبل أن الإذن موجود في الدخول من جهة مالك الحمام والدار فخرج الشئ من أن يكون محرزا من المأذون له في الدخول، ألا ترى أن من أذن لرجل في دخول داره أن الدار لم تخرج من أن تكون حرزا في نفسها ولا يقطع مع ذلك المأذون له في الدخول؟ لأنه حين أذن له في الدخول فقد ائتمنه ولم يحرز ماله عنه، كذلك كل موضع يستباح دخوله بإذن المالك فهو غير حرز من المأذون له في الدخول. وأما المسجد فلم يتعلق إباحة دخوله بإذن آدمي فصار كالمفازة والصحراء، فإذا سرق منه وهناك حافظ له قطع. وحكي عن مالك أن السارق من الحمام يقطع إن كان هناك حافظ له. قال أبو بكر: لو وجب قطعه لوجب قطع السارق من الحانوت والمأذون له في