فصل واعتبر أصحابنا في إيجاب قطع المحارب مقدار المال المأخوذ بأن يصيب كل واحد منهم عشرة دراهم واعتبر الشافعي ربع دينار كما اعتبره في قطع السارق ولم يعتبره مالك لأنه يرى إجراء الحكم عليهم بالخروج قبل أخذ المال.
فصل وقال أصحابنا إذا كان الذي ولي القتل وأخذ المال بعضهم كان حكم جميعهم حكم المحاربين يجري الحكم عليهم وذلك لأن حكم المحاربة والمنعة لم يحصل إلا باجتماعهم جميعا فلما كان السبب الذي تعلق به حكم المحاربة وهو المنعة حصل باجتماعهم جميعا وجب أن لا يختلف حكم من ولي القتل منهم ومن كان عونا أو ظهيرا والدليل عليه أن الجيش إذا غنموا من أهل الحرب لم يختلف فيه حكم من ولي القتال منهم ومن كان منهم ردأ وظهيرا ولذلك لم يختلف حكم من قتل بعصا أو بسيف إذ كان من لم يل القتال يجري عليه الحكم.
باب قطع السارق قال الله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) روى سفيان عن جابر عن عامر قال قراءة عبد الله فاقطعوا أيديهما وروى ابن عوف عن إبراهيم في قراءتنا فاقطعوا أيمانهما.
قال أبو بكر: لم تختلف الأمة في أن اليد المقطوعة بأول سرقة هي اليمين فعلمنا أن مراد الله تعالى بقوله (أيديهما) أيمانهما فظاهر اللفظ في جمعه الأيدي من الاثنين يدل على أن المراد اليد الواحدة من كل واحد منهما كقوله تعالى: (أن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) لما كان لكل واحد منهما قلب واحد إضافة إليهما بلفظ الجمع كذلك لما أضاف الأيدي إليهما بلفظ الجمع دل على أن المراد إحدى اليدين من كل واحد منهما وهي اليمنى.
وقد اختلف في قطع اليسرى في المرة الثالثة وفي قطع الرجل اليمنى في الرابعة وسنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ولم تختلف الأمة في خصوص هذه الآية، لأن اسم السارق يقع على سارق الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أسوأ الناس سرقة هو الذي يسرق صلاته " قيل: يا رسول الله وكيف يسرق صلاته؟ قال: " لا يتم ركوعها وسجودها ". ويقع على سارق اللسان، روى ليث بن سعد قال: حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله عن أبي رهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أسرق السارق الذي يسرق لسان الأمير " فثبت بذلك أنه لم يرد كل سارق.