مستأمن قبل أن يخرج فلا شئ عليه إلا الكفارة في الخطأ، وإن كانا مستأمنين دخلا دار الحرب فقتل أحدهما صاحبه فعليه الدية في العمد والخطأ والكفارة في الخطأ خاصة، وإن كانا أسيرين فلا شئ على القاتل إلا الكفارة في الخطأ، في قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: الدية في العمد والخطأ ". وروى بشر بن الوليد عن أبي يوسف في الحربي يسلم في دار الحرب فيقتله رجل مسلم قبل أن يخرج إلينا أن عليه الدية استحسانا، ولو وقع في بئر حفرها أو وقع عليه ميزاب عمله لم يضمن شيئا. وهذا خلاف المشهور من قوله وخلاف القياس أيضا. وقال مالك: " إذا أسلم في دار الحرب فقتل قبل أن يخرج إلينا فعلى قاتله الدية والكفارة إن كان خطأ "، قال: وقوله تعالى: (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) إنما كان في صلح النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة، لأن من لم يهاجر لم يورث، لأنهم كانوا يتوارثون بالهجرة، قال الله تعالى: (والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ حتى يهاجروا) [الأنفال: 72] فلم يكن لمن لم يهاجر ورثة يستحقون ميراثه، فلم تجب الدية، ثم نسخ ذلك بقوله: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) [الأنفال: 75]. وقال الحسن بن صالح: " من أقام في أرض العدو وإن انتحل الاسلام وهو يقدر على التحول إلى المسلمين فأحكامه أحكام المشركين، وإذا أسلم الحربي فأقام ببلادهم وهو يقدر على الخروج فليس بمسلم يحكم فيه بما يحكم على أهل الحرب في ماله ونفسه ". وقال الحسن: " إذا لحق الرجل بدار الحرب ولم يرتد عن الاسلام فهو مرتد بتركه دار الاسلام ". وقال الشافعي: " إذا قتل المسلم مسلما في دار الحرب في الغارة أو الحرب وهو لا يعلمه مسلما فلا عقل فيه ولا قود وعليه الكفارة، وسواء كان المسلم أسيرا أو مستأمنا أو رجلا أسلم هناك، وإن علمه مسلما فقتله فعليه القود ".
قال أبو بكر: لا يخلو قوله تعالى: (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة) من أن يكون المراد به الحربي الذي يسلم فيقتل قبل أن يهاجر على ما قاله أصحابنا، أو المسلم الذي له قرابات من أهل الحرب، لأن قوله تعالى: (فإن كان من قوم عدو لكم) يحتمل المعنيين جميعا بأن يكون من أهل دار الحرب وبأن يكون ذا نسب من أهل الحرب، فلو خلينا والظاهر لأسقطنا دية من قتل في دار الاسلام من المسلمين إذا كان ذا قرابة من أهل الحرب لاقتضاء الظاهر ذلك، فلما اتفق المسلمون على أن كونه ذا قرابة من أهل الحرب لا يسقط حكم دمه في إيجاب الدية أو القود إذا قتل في دار الاسلام دل ذلك على أن المراد: من كان مسلما من أهل دار الحرب لم يهاجر إلى دار الاسلام، فيكون الواجب على قاتله خطأ الكفارة دون الدية، لأن الله تعالى إنما أوجب