تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت) لم يدخل فيه الجد وأنه خارج عنه لا يرث معه الإخوة من الأم كما لا يرثون مع الابن والبنت، فدل ذلك على أن الجد بمنزلة الأب في خروجه عن الكلالة، وهذا يدل على أن الجد بمنزلة الأب في نفي مشاركة الإخوة والأخوات إياه في الميراث.
فإن قيل: هذا لا يدل على ما ذكرته من قبل أن البنت خارجة عن الكلالة ولا يرث معها الإخوة والأخوات من الأم ويرث معها الإخوة والأخوات من الأب والأم، فكذلك الجد. قيل له: لم نجعل ما ذكرناه علة للمسألة فيلزمنا ما وصفت، وإنما قلنا إنه لما لم يتناوله اسم الكلالة كالأب والابن اقتضى ظاهر الآية أن يكون ميراث الإخوة والأخوات عند عدمه إلا أن تقوم الدلالة على توريثهم معه، والبنت وإن كانت خارجة عن الكلالة فقد قامت الدلالة على توريث الإخوة والأخوات من الأب معها، فخصصناها من الظاهر وبقي حكم اللفظ فيما سواها ممن يشتمله اسم الكلالة، والله أعلم.
باب العول روى الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال: أول من أعال الفرائض عمر بن الخطاب، لما التوت عليه الفرائض ودافع بعضها بعضا قال: والله ما أدري أيكم قدم الله ولا أيكم أخر، وكان امرءا ورعا فقال: ما أجد شيئا هو أوسع لي أن أقسم المال عليكم بالحصص، وأدخل على كل ذي حق ما دخل عليه من عول الفريضة.
وروى أبو إسحاق عن الحارث عن علي في بنتين وأبوين وامرأة قال: " صار ثمنها تسعا "، وكذلك رواه الحكم بن عتيبة عنه، وهو قول عبد الله وزيد بن ثابت. وقد روى أن العباس بن عبد المطلب أول من أشار على عمر بالعول، قال عبيد الله بن عبد الله: قال ابن العباس: أول من أعال الفرائض عمر بن الخطاب، وأيم الله لو قدم من قدم الله لما عالت فريضة! فقيل له: وأيها التي قدم الله وأيها التي أخر؟ قال: كل فريضة لم تزل عن فريضة إلا إلى فريضة فهي التي قدم الله، وكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فهي التي أخر الله تعالى، فأما التي قدم الله تعالى فالزوج والزوجة والأم لأنهم لا يزولون من فرض إلا إلى فرض، والبنات والأخوات نزلن من فرض إلى تعصيب مع البنتين والإخوة فيكون لهن ما بقي مع الذكور، فنبدأ بأصحاب السهام ثم يدخل الضرر على الباقين، وهم الذين يستحقون ما بقي إذا كانوا عصبة. قال عبيد الله بن عبد الله:
فقلنا له: فهلا راجعت فيه عمر! فقال: إنه كان امرءا مهيبا ورعا، قال ابن عباس: ولو كلمت فيه عمر لرجع. وقال الزهري: لولا أنه تقدم ابن عباس أمام عدل فأمضى أمرا