يحب ان يعمل بقوله وينشر قوله أو يسمع منه.
وإياك وحب الرياسة، فان من الناس من تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة. وهو باب غامض لا يبصره الا البصير من العلماء السماسرة.
واحذر الرئاء فإن الرئاء أخفى من دبيب النمل. وقال حذيفة: " سيأتي على الناس زمان يعرض على الرجل الخير والشر فلا يدرى أيما يركب ". وقد ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " لا تزال يد الله عز وجل على هذه الأمة وفى كنفه وجواره وجناحه ما لم يمل قراؤهم إلى أمرائهم، وما لم يبر خيارهم أشرارهم وما لم يعظم أبرارهم فجارهم. فإذا فعلوا ذلك، رفعها عنهم وقذف في قلوبهم الرعب، وأنزل بهم الفاقة، وسلط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب ".
وقال: " إذا كان ذلك، لا يأتيهم امر يضجون منه إلا أردفه بآخر يشغلهم عن ذلك ". فليكن الموت من شأنك ومن بالك.
وأقل الامل. وأكثر ذكر الموت. فإنك ان أكثرت ذكر الموت، هان عليك أمر دنياك. وقال عمر: " أكثروا ذكر الموت، فإنكم ان ذكرتموه في كثير، قلله، وان ذكرتموه في قليل، كثره. واعلموا انه قد حان للرجل يشتهى الموت ".
أعاذنا الله وإياك من المهالك وسلك بنا وبك سبيل الطاعة ".
فهذا هو سفيان الثوري، الذي رأيناه الآن جالسا بين المجتهدين يذاكرهم في أصول الدين وفروعه. يوافق واحد ويخالف اخر. يؤيد هذا ويرد على ذاك.
يباحثهم ويناظرهم مرة، ويملي عليهم ويروى عنهم أخرى. وذاك الثوري بعينه يرى قاعدا في نادي الورع والزهد، لا كعامة تلك الطريقة، بل كأنه سيدها ومدارها ، تحيا بحياته وتموت بموته. ويؤيد رأينا ما قاله شعبة: " ان سفيان ساد الناس بالورع والعم "، وكا قال أبو رجاء: " لولا الثوري لمات الورع " (1).
وكانت له، رحمه الله طريقة خاصة في التصوف، وكان أبو محمد عبد الله بن خبيق بن سابق الكوفي الأنطاكي منسلكا بها كما صرح السلمي في الطبقات.