إمامته، بحيث يستغنى عن تزكيته، مع الإتقان والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد " (1).
ونعلم أن أصحاب هذه الأقوال لم يكونوا من الشعراء الذين يغلب عليهم المدح أو الهجاء، بل هم أرباب الصدق في القول والديانة في الرأي، فيقولون ما يجدون في رجل، أي رجل كان، ولا يخافون فيه لومة لائم. فلا سبيل لنا الا إلى قبول ما قالوا.
رتبته في الفقه ومع هذا كان الثوري قد فاق أكثر أقرانه في الفقه والقياس، واشتهر بالرأي والاجتهاد (2). وكان فقهه معمولا به إلى القرن الخامس. وكان مقلدوه يقال لهم الثوري. وكان من بينهم شيخ الطائفة جنيد البغدادي وأبو صالح حمدون بن أحمد القصار النيسابوري وجماعة من أهل دينور (3).
ولمعرفة رتبته في الفقه يكفينا ان نذكر نبذ ة مما حكي لنا عن الفقهاء:
قال الخطيب: " عرض الفريابي مرة على الإمام ابن عيينة مسألة فقهية - فأجابه الامام بما كان رأيه فيها. فقال الفريابي: " ان الثوري يرى خلاف هذا ". فقال ابن عيينة: " لم تر عيناك مثل سفيان أبدا " (4).
وقال أيضا: " ما رأيت رجلا اعلم بالحلال والحرام من سفيان الثوري " (5).
وقال الحسن بن الربيع، سمعت ابن المبارك قبل أن يموت بيومين أو ثلاثة.
وكان حسن هو الذي غسله وكفنه وقبره. قال، سمعته قال: " ما أحد عندي من الفقهاء أفضل من سفيان بن سعيد. ما أدري ما عبد الله بن عون..؟ " (6).
وقال الأوزاعي: " لو قيل لي، اختر لهذه الأمة، ما اخترت الا سفيان الثوري " (7).