الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١١٢
قدره، ولم يغورو العمق معناه، بل إنهم من الجهل بمكان حتى وصل بهم الأمر أن تركوا تلك الآيات الربانية المنجية من التيه والضلال والجهل، وركضوا لاهثين وراء من ملكته شهواته ومن لم يصل إلى أدنى درجات النضج الفكري، ليستجدوا منهم القوانين والبرامج التربوية التي صنعها جهلهم المتلبس بلباس العلم والتقدم!
فهؤلاء المساكين يبيعون أغلى ما عندهم بثمن بخس، ويشترون به ما يبعدهم عن بناء أخراهم!
ولا يعني هذا بأنا ضد التقدم التقني، بل علينا أن لا نحصر كل أنفسنا في هذا الجانب من الحياة الإنسانية.. ففي الوقت الذي نجد في القرآن تلك العيون الفياضة بالمعنويات، نراه كذلك صاحب برامج حيوية في مجالات التقدم والرفاه الماديين، وهذا ما أوضحناه في الآيات المتقدمة وما سنزيد فيه في الآيات القادمة إن شاء الله تعالى.
3 2 - الطمع بما عند الغير.. مصدر الإنحطاط هناك الكثير من أصحاب العيون الضيقة الذين يلاحظون هذا وذاك باستمرار بعيون ملؤها الطمع والجشع!
لقد دأب هؤلاء على قياس حالهم وحال الآخرين ويغتمون غما شديدا فيما لو وجدوا أن شيئا من الحاجات المادية الحياتية ناقصا عندهم، فيبذلون كل شئ في سبيل الحصول عليها حتى وإن كلفهم ذلك خسارة القيم الإنسانية وبيع كرامتهم!
هذا نمط من التفكير ينم عن حالة التخلف، ويكشف عن الشعور بعقدة الحقارة ونقص الهمة. وهو من العوامل الفاعلة في تخلف الإنسان في حياته، وعلى كافة الأصعدة.
والشخص المستقل لا يتعامل مع مجريات الحياة بذلك النمط من التفكير
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»