قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في رسالته إلى محمد بن أبي بكر: " فاخفض لهم جناحك وألن لهم جانبك وابسط لهم وجهك وآس بينهم في اللحظة والنظرة " (1).
3 4 - من هم المقتسمون؟
إن التوجيهات الإلهية بلا شك تراعى فيها المصلحة العامة ومصلحة الأفراد بصورة عامة، ولكن البعض منها قد يوافق مصالحنا الشخصية بحسب الظاهر والبعض الآخر على خلافها. ومن خلال قبول أو رفض ما يدعونا إليه الله يمحص المؤمن الخالص من المدعي للإيمان، فالذي يقبل كل شئ نازل من الله ويسلم له، حتى وإن ظاهره لا يتوافق مع مصلحته، ويقول " كل من عند ربنا " ولا يجرؤ على تجزئة أو تقسيم أو تبعيض الأحكام الإلهية.. فذلك هو المؤمن حقا.
أما الذين استفحل المرض في قلوبهم فيحاولون تسخير دين الله وأحكامه لخدمة مصالحهم الشخصية، فيقبلون ما يدعم منافعهم ويتركون غيره، فتراهم يجزؤون الآيات القرآنية، بل وتراهم في بعض الأحيان يجزؤون الآية الواحدة، فما يوافق ميولهم احتذوا به ويتركون القسم الباقي من الآية! ولكن من القبح أن نردد ما قاله بعض الأقوام السابقة نؤمن ببعض ونكفر ببعض فهذا شأن عبيد الدنيا.
أما معيار تشخيص أتباع الحق من أتباع الباطل فمن خلال التسليم للأوامر والتوجيهات الإلهية التي لا تنسجم مع الميول والأهواء والمنافع الدنيوية، فمن هنا يعرف الصادق من الكذاب والمؤمن من المنافق.
وتجدر الإشارة هنا إلى وجود تفاسير أخرى لمعنى المقتسمين (غير ما ذكرناه)، حتى أن القرطبي قد ذكر في تفسيره سبعة آراء في معنى هذه الكلمة، إلا