الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١٠٨
للتجرؤ والجسارة من قبل الأعداء ولا ينفع معهم إلا الشدة، فلا مناص حينئذ من الأخذ بأمر الجهاد.
ثم يواسي الله تعالى نبيه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم).. أن لا تقلق من وحشية الأعداء وكثرتهم وما يملكون من إمكانات مادية واسعة، لأن الله أعطاك ما لا يقف أمامه شئ ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم.
وكما هو معلوم، فإن " السبع " هم العدد سبعة، و " المثاني " هو العدد اثنان، ولهذا اعتبر أكثر المفسرون أن " سبعا من المثاني " كناية عن سورة الحمد، والروايات كذلك تشير لهذا المعنى.
والداعي لذلك كونها تتألف من سبع آيات، لأهميتها وعظمة محتواها فقد نزلت مرتين على النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو لأنها تتكون من قسمين (فنصفها حمد وثناء لله عز وجل والنصف الآخر دعاء عبادة)، أو لأنها تقرأ مرتين في كل صلاة (1).
واحتمل بعض المفسرين أن " السبع " إشارة إلى السور السبع الطول التي ابتدأ بها القرآن، و " المثاني " كناية عن نفس القرآن، لأنه نزل مرتين على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مرة بصورة كاملة، وأخرى نزل نزولا تدريجيا حسب الاحتياج إليه في أزمنة مختلفة.
وعلى هذا يكون معنى سبعا من المثاني سبع سور مهمات من القرآن.
ودليلهم في ذلك الآية الثالثة والعشرون من سورة الزمر، حيث يقول تعالى:
الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني، أي مرتين على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولكن التفسير الأول يبدو أكثر صوابا، خصوصا وأن روايات أهل البيت (عليهم السلام) تشير إلى أن " السبع المثاني " هي سورة الحمد.

1 - وفي حديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن الله عز وجل قال: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، نصفها لي ونصفها لعبدي " مجمع البيان، ج 1، ص 17، وراجع كذلك تفسير نور الثقلين، ج 3، ص 28 و 29.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»