الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١١٧
وعلى هذا الأساس فالسؤال قسم من العقاب الروحي.
وعموم قوله تعالى: عما كانوا يعملون يرشدنا إلى أن السؤال سيكون عن جميع أفعال الإنسان بلا استثناء، وهو درس بليغ كي لا نغفل عن أفعالنا.
أما ما اعتبره بعض المفسرين من اختصاص السؤال عن التوحيد والإيمان بالأنبياء، أو هو مرتبط بما يعبد المشركون.. فهو كلام بلا دليل، ومفهوم الآية عام.
وقد يشكل البعض من كون الآية المتقدمة تؤكد على أن الله تعالى سيسأل عباده، في حين نقرأ في الآية التاسعة والثلاثين من سورة الرحمن فيومئذ لا يسئل عن ذنبه انس ولا جان.
وقد أجبنا عن ذلك سابقا، وخلاصته: في القيامة مراحل، يسأل في بعضها ولا يسأل في البعض الآخر حيث تكون الأمور من الوضوح بحيث لا تستوجب السؤال، أو أن لا يكون السؤال باللسان، وهذا ما نستنتجه من الآية الخامسة والستين من سورة يس حيث تشير إلى غلق الأفواه وبدأ أعضاء البدن - حتى الجلد - بالسؤال (1).
ثم يأمر الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله فاصدع بما تؤمر، أي لا تخف من ضوضاء المشركين والمجرمين، ولا تضعف أو تتردد أو تسكت، بل أدعهم إلى رسالتك جهارا.
واعرض عن المشركين، ولا تعتن بهم.
" فاصدع "، من مادة (صدع) وهي لغة بمعنى " الشق " بشكل مطلق، أو شق الأجسام المحكمة بما يكشف عما في داخلها، ويقال أيضا لألم الرأس الشديد (صداع) وكأنه من شدته يريد أن يشق الرأس!
وهي هنا.. بمعنى: الإظهار والإعلان والإفشاء.

١ - لمزيد من الإيضاح، راجع ذيل تفسير الآية (7) من سورة الأعراف.
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»