الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج ٨ - الصفحة ١١١
2 بحوث 3 1 - القرآن.. عطاء إلهي عظيم يخبر الله تعالى في الآيات المذكورة نبيه الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعنوان تنبيه لجميع مسلمي العالم، أن هذا القرآن جعل في اختياركم، وفيه من العطاء ما لا يعد، وليكن رأسمالكم الذي تتعاملون فيه في حياتكم، ولو عملتم به لجعلتم دنياكم كلها سعادة ورفاه وأمن وصلاح.
وهذه حقيقة يعترف بها حتى غير المسلمين، فهم يعتقدون بأن المسلمين إذا أخذوا القرآن وجعلوه أساس حياتهم، وعملوا بأحكامه وهديه، فسيكونون من القوة والتقدم بحيث لا يسبقهم في ذلك أحد.
فنرى مثلا، سورة الحمد " سبعا من المثاني " والتي تسمى " خاتمة الكتاب " لوحدها تمثل مدرسة كاملة للحياة:
فأولها.. يشير إلى خالق الوجود الذي يربي جميع أهل العالم في مسيرة تكاملية شاملة، هذا الخالق الذي وسعت رحمته " خاصة " وعامة كل شئ.. ثم تشير إلى محكمة العدل الإلهية التي يكفل الإيمان بها خلق رقابة دقيقة على جميع سلوكيات الإنسان ونواياه.
ثم الإشارة إلى عدم الإتكال على غير الله، وعدم الخضوع والتسليم لغيره لتتهيأ الأرضية الصالحة للسير على صراطه المستقيم الذي لا عوج فيه ولا ميل لا إلى شرق ولا إلى غرب، كما أنه ليس فيه إفراط ولا تفريط، وكذلك ليس فيه ضلال ولا غضب من الله عز وجل.
إنها جملة أمور، لو تمثلها الإنسان وبنى عليها كيانه، لكانت كفيلة بأن تجعل له شخصية سامية متكاملة.
وللأسف الشديد فقد وقع هذا العطاء الإلهي بأيدي أناس لم يعرفوا جلالة
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»