بسم الله الرحمن الرحيم التعريف بهذا التفسير الجليل تفسير القرآن الكريم للعلامة السيد عبد الله بن محمد رضا شبر بقلم الدكتور حامد حفني داود أستاذ الأدب العربي بكلية الألسن بالقاهرة علم التفسير من أقدم العلوم صلة بالتشريع الاسلامي هذا إذا نظرنا إليه كعلم من علوم الشريعة، أما حين ننظر إليه من زاوية (أصول الشريعة) فهو أول علومها، باعتباره تابعا وملاصقا للقرآن نفسه.
وقد كان جبريل - عليه السلام - ينزل بالآيات القرآنية منجمة على صاحب الشريعة - صلوات الله وسلامه عليه - وكان يتدارس القرآن العظيم مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رمضان من كل عام.
وكان الصحابة بحكم ملابستهم لحضرة الرسول عليه السلام، وتأدبهم بآدابه وملازمتهم حضرته في غدوه ورواحه يفهمون ما ينزل من الآيات مرتبطة بأسباب النزول - وأحداثه وملابساته.
وكان عبد الله بن عباس من النفر القليل من الصحابة الذين دعا لهم الرسول بفهم الوحي والتنزيل.
وقد نمى هذا الاستعداد في نفس ابن عباس كذلك ملازمته للإمام علي بن أبي طالب - رضى الله = عنه بعد انتقال حضرة الرسول إلى الرفيق الاعلى، وعلى كما نعلم باب هذا المنهل الفياض من علوم النبوة، وواضع حجر الأساس في الحضارة الروحية الاسلامية.
ومن ثم كانت مأثورات ابن عباس ورواياته في تفسير آيات القرآن أول من عرف من التفاسير التي تستند في جملتها على الحديث والأثر.
وإذا كان عبد الله بن عباس معدودا في الرعيل الأول ممن عاصر الامام على رضوان الله عليه فإننا نعلم من ذلك أن التفسير بالأثر والحديث النبوي من العلوم التي تفرد بها البيت النبوي، وعرف بها الأئمة قبل غيرهم، واختص بها ابن عباس بتوجيه منهم.
فلما كان العصر العباسي وازداد اتصال العرب بحضارات الفرس والرومان واليونان والهند وتلاصقت هذه الحضارات في العقل العربي كما تتلاطم الأمواج في المحيط الواسع - حدث الامتزاج الفكري، فعرف العرب الحضارة المادية من الفرس، ونظم الإدارة وأنواعها، ورأوا ما عليه المجوس من أخلاق وعقائد، وعرفوا من اليونان فلسفتهم ومنطقهم وعلومهم القديمة واطلعوا على ما عند الهند من حكمة وروحانية.
وتمحض من هذا المزج العجيب عقل عربي مكتمل الجانب يزن الفكرة بميزان الشرع والعقل معا، ويجمع في أحكامه بين المنقول والمعقول.
وفى القرن الثالث والرابع الهجرتين حين بلغت الحضارة الاسلامية مكان الذروة انعكست هذه الجوانب الفكرية في التشريع الاسلامي، فظهرت تلك الروحانيات الخالدة واضحة في علوم الاسلام الدينية والاجتماعية والانسانية.
وكان للتفسير الحظ الأوفر من هذه الجوانب فتعددت مذاهب المفسرين، فمنهم من آثر جانب المنقول فاكتفى في تفسيره بما جاء في الحديث والأثر، كما فعل ابن جرير الطبري إمام المفسرين، والجلال السيوطي في كتابه الدر المنثور في التفسير بالمأثور وكما رواه البخاري في صحيحه، ومنهم من جعل للمنطق والجدل والفلسفة النصيب الأوفر من تفسيره مثل الفخر الرازي.
وكان اهتمام المفسرين بتفسير القرآن والكشف عن إعجازه باعثا قويا في تطوير علوم اللغة العربية نفسها وإن علوم اللغة العربية نفسها وإن علوم اللغة العربية وما تشتمل عليه من متونها ونحوها وصرفها وكذا علوم المعاني والبيان والبديع تعتبر في الحقيقة تمرة من ثمار الكشف عن وجوه إعجاز القرآن الكريم.