تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٢٨١
من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا) * بصيرا * (17) * من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا * (18) * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * (19) * كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا * (20) * انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجت وأكبر تفضيلا * (21) * لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا * (22) * وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسنا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * (23) * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا * (24) * ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا * (25) * وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا * (26) * إن المبذرين كانوا إخوان الشيطين وكان الشيطان لربه كفورا * (27) * وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها
____________________
(من بعد نوح) كعاد وغيرهم (وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا) عالما ببواطنها وظواهرها (من كان يريد العاجلة) الدنيا بعمله (عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) التعجيل له (ثم جعلنا له جهنم يصلاها (1)) يدخلها (مذموما) ملولا (مدحورا) مطرودا من رحمة الله (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها) حق السعي لأجلها بفعل ما أمر به وترك ما نهي عنه (وهو مؤمن) إذ لا نفع للعمل بدون الإيمان (فأولئك كان سعيهم مشكورا) مقبولا عند الله مثابا عليه (كلا) كل واحد من الفريقين (نمد) نعطي (هؤلاء وهؤلاء) بدل من كلا (من عطاء ربك) رزقه (وما كان عطاء ربك محظورا) ممنوعا في الدنيا من مؤمن ولا كافر (أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض) في الرزق والجاه (وللآخرة أكبر) أعظم (درجات وأكبر تفضيلا) من الدنيا (لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد) فتصير (مذموما) على لسان العقلاء (مخذولا) لا ناصر لك (وقضى ربك) أمر أمرا جزما (ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين) وأن تحسنوا (إحسانا) عظيما (إما يبلغن (2) عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف (3)) فلا تضجر منهما عن الصادق (عليه السلام) أدنى العقوق أف ولو علم الله شيئا أهون منه لنهى عنه (ولا تنهرهما) لا تزجرهما بإغلاظ (وقل لهما قولا كريما) جميلا رفيقا (واخفض لهما جناح الذل) الإضافة البيانية أي جناحك الذليل (من الرحمة) من الرقة عليهما (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) كرحمتهما لي بتربيتهما إياي صغيرا فإني عاجز عن مكافأتهما (ربكم أعلم بما في نفوسكم) من بر وعقوق (إن تكونوا صالحين) طائعين له (فإنه كان للأوابين) التوابين عن تقصير صدر منهم في حق الوالدين (غفورا) لتقصيرهم أو لذنب كل تائب (وآت ذا القربى حقه) من صلة الرحم بالمال والنفس، وعن أهل البيت المراد به قرابة الرسول (والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا) بالإنفاق في غير طاعة الله (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) أتباعهم وعلى سنتهم في الإسراف (وكان الشيطان لربه كفورا) شديد الكفر فكذا متبعه المبذر (وإما تعرضن عنهم) عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل إذ لم تجد ما تعطيهم (ابتغاء رحمة من ربك ترجوها) لطلب رزق منه تنتظره أن يأتيك فتعطيهم منه...

(1) يصليها.
(2) يبلغان: بتشديد النون بالكسر.
(3) أف: بالتشديد بالكسر والفتح من غير تنوين.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»