تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٢٧٧
عذاب أليم * (104) * إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون * (105) * من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن) * بالأيمن ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم * (106) * ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين * (107) * أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصرهم وأولئك هم الغافلون * (108) * لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون * (109) * ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم * (110) *، يوم تأتى كل نفس تجدل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون * (111) * وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون * (112) * ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون * (113) * فكلوا مما رزقكم الله حللا طيبا واشكروا نعمت الله إن كنتم إياه تعبدون * (114) *
____________________
عذاب أليم) بكفرهم بالقرآن (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله) فإنهم لا يخشون عقابا. (وأولئك هم الكاذبون) في قولهم إنما أنت مفتر أو الكاملون في الكذب لا أنت (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره) على كلمة الكفر فقالها (وقلبه مطمئن بالإيمان) ثابت عليه (ولكن من شرح بالكفر صدرا) فتحه أي طابت نفسه به (فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) أكره قريش جماعة على الإرتداد منهم عمار وأبواه فقتلوا أبويه وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها فقال قوم كفر عمار فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كلا إنه ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه فأتاه عمار يبكي فمسح عينيه وقال إن عادوا لك فعد لهم فنزلت (ذلك) الوعيد لهم (بأنهم استحبوا الحياة الدنيا) آثروها (على الآخرة وأن) وبسبب أن (الله لا يهدي القوم الكافرين) يخذلهم بكفرهم (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم) أسند إليه تعالى الطبع مجازا عن منعهم اللطف حين أبوا قبول الحق وأعرضوا عنه (وأولئك هم الغافلون) عما يراد بهم (لا جرم) حقا (أنهم في الآخرة هم الخاسرون ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا) عذبوا كعمار بالنصرة وثم لتباعد هؤلاء من أولئك وقرئ بالمعلوم أي فتنوا غيرهم ثم أسلموا وهاجروا (ثم جاهدوا وصبروا) على المشاق (إن ربك من بعدها) بعد الفتنة (لغفور) لهم (رحيم) بهم (يوم تأتي كل نفس تجادل) تحاج (عن نفسها) ذاتها لا يهمها غيرها (وتوفي (1) كل نفس ما عملت) أي جزاءه (وهم لا يظلمون) في ذلك (وضرب الله مثلا قرية) بدل أي أهلها قيل هي مكة وقيل غيرها (كانت آمنة) من المخاوف (مطمئنة) قارة بأهلها (يأتيها رزقها رغدا) واسعا (من كل مكان) ناحية (فكفرت بأنعم الله) جمع نعمة (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) استعير الذوق لإدراك أثر الشدة واللباس لما غشيهم منها وأوقع الإذاقة عليه نظرا إلى المستعار له وهو الإدراك أي عرفها الله على إثر لباس الجوع والخوف (بما كانوا يصنعون) بصنعهم (ولقد جاءهم) أي أهل مكة (رسول منهم) محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) (فكذبوه فأخذهم العذاب) الجوع بالقحط والخوف من الغارات أو ما نالهم ببدر (وهم ظالمون فكلوا مما رزقكم الله) من الغنائم وغيرها (حلالا طيبا) لذيذا (واشكروا نعمة (2) الله إن كنتم إياه تعبدون...

(1) توفى. بكسر الفاء.
(2) نعمت.
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»