تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٢٧٢
مسودا وهو كظيم * (58) * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون * (59) * للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم * (60) * ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون * (61) * ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون * (62) * تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم * (63) * وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون * (64) * والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون * (65) * وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين * (66) * ومن ثمرات النخيل والأعنب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون * (67) * وأوحى ربك إلى النحل
____________________
مسودا) متغيرا من الغم (وهو كظيم) ممتلئ غيظا فكيف تجعلون البنات له تعالى (يتوارى (1) من القوم) يختفي من قومه مخافة العار (من سوء ما بشر به) عنده مفكرا ماذا يصنع به (أيمسكه على هون) أيتركه على هوان وذل (أم يدسه) يخفيه بدفنه (في التراب) حيا وهو الوأد وذكر الضمير للفظ ما (ألا ساء) بئس (ما يحكمون) حكمهم هذا حيث جعلوا ما هذا محله عندهم لربهم المتنزه عن الأولاد (للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء) الصفة السوء وهي الحاجة إلى الأولاد (ولله المثل الأعلى (2)) كالتفرد والغنى والجود (وهو العزيز الحكيم ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم) بعصيانهم (ما ترك عليها) على الأرض بقرينة الناس والدابة (من دابة) تدب عليها فيهلك الظلمة عقوبة لهم وغيرهم بشؤمهم أو أهلك الآباء بظلمهم لبطل نسلهم ولهلكت الدواب المخلوقة لهم أو من دابة ظالمة (ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى) هو منتهى أعمارهم أو القيامة ليتوالدوا (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون) عنه (ساعة ولا يستقدمون) عليه فيؤاخذون حينئذ (ويجعلون لله ما يكرهون) لأنفسهم من البنات والشركاء في الرياسة وإهانة الرسل وردئ المال (وتصف ألسنتهم الكذب) مع ذلك وهو زعمهم (أن لهم الحسنى (3)) عند الله أي الجنة إن صح البعث (لا جرم) حقا (أن لهم النار) لا الحسنى (وأنهم مفرطون (4)) مقدمون إلى النار (تالله لقد أرسلنا) رسلا (إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم) القبيحة فأصروا عليها (فهو وليهم اليوم) متولي أمورهم في الدنيا أو ناصرهم في القيامة (ولهم عذاب أليم) في القيامة (وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم) للناس (الذي اختلفوا فيه) من التوحيد والعدل والأحكام والبعث (وهدى ورحمة لقوم يؤمنون والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض) بالنبات (بعد موتها) يبسها (إن في ذلك لآية) دالة على التوحيد والبعث (لقوم يسمعون) سماع اعتبار (وإن لكم في الأنعام لعبرة) لاعتبارا (نسقيكم (5) مما في بطونه) أي الأنعام فإن لفظه مفرد ومعناه جمع كالرهط (من) ابتدائية تتعلق بنسقيكم (بين فرث ودم لبنا خالصا) لا يشوبه لون ولا رائحة ولا طعم من الفرث والدم (سائغا للشاربين) سهل الجواز في حلوقهم (ومن ثمرات النخيل والأعناب) خبر محذوف أي ثمر صفته (تتخذون منه سكرا) مصدر سمي به الخمر وفيه إشعار بتحريمها بوصف قسيمها بالحسن (ورزقا حسنا) كالتمر والزبيب والدبس والخل فلا تكون هي حسنة فليست بحلال فالآية جامعة بين العتاب والمنة، وقيل السكر الأشربة الحلال والرزق الحسن المأكول اللذيذ (إن في ذلك لآية لقوم يعقلون وأوحى (6) ربك إلى النحل) ألهمها...

(1) يتورارى: بكسر الراء.
(2) الاعلى: بكسر اللام.
(3) الحسنى: بكسر النون.
(4) مفرطون: بكسر الراء.
(5) نسقيكم - نسقيكم: بفتح نون الأولى وتاء الثانية.
(6) أوحى بكسر الحاء
(٢٧٢)
مفاتيح البحث: العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»