تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٦١
وقوله: " نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه " ظاهر السياق أنه بدل من " الليل إلا قليلا " المتعلق به تكليف القيام، وضميرا " منه " و " عليه " للنصف، وضمير " نصفه " لليل، والمعنى قم نصف الليل أو انقص من النصف قليلا أو زد على النصف قليلا، والترديد بين الثلاثة للتخيير فقد خير بين قيام النصف وقيام أقل من النصف بقليل وقيام أكثر منه بقليل.
وقيل: " نصفه " بدل من المستثنى أعني " قليلا " فيكون المعنى قم الليل إلا نصفه أو انقص من النصف قليلا فقم أكثر من النصف بقليل أو زد على النصف فقم أقل من النصف، وتكون جملة البدل رافعا لابهام المستثنى بالمطابقة ولابهام المستثنى منه بالالتزام عكس الوجه السابق.
والوجهان وإن اتحدا في النتيجة غير أن الوجه السابق أسبق إلى الذهن لان الحاجة إلى رفع الابهام عن متعلق الحكم أقدم من الحاجة إلى رفع الابهام عن توابعه وملحقاته فكون قوله: " نصفه: الخ بدلا من الليل ولازمه رفع إبهام متعلق التكليف بالمطابقة أسبق إلى الذهن من كونه بدلا من " قليلا ".
وقيل: ان نصفه بدل من الليل لكن المراد بالقليل القليل من الليالي دون القليل من أجزاء الليل، والمعنى قم نصف الليل أو انقص منه قليلا أو زد عليه إلا قليلا من الليالي وهي ليالي العذر من مرض أو غلبة نوم أو نحو ذلك، ولا بأس بهذا الوجه لكن الوجه الأول أسبق منه إلى الذهن.
وقوله: " ورتل القرآن ترتيلا " ترتيل القرآن تلاوته بتبيين حروفه على تواليها، والجملة معطوفة على قوله: " قم الليل " أي قم الليل واقرا القرآن بترتيل.
والظاهر أن المراد بترتيل القرآن ترتيله في الصلاة أو المراد به الصلاة نفسها وقد عبر سبحانه عن الصلاة بنظير هذا التعبير في قوله: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا " أسرى: 78، وقيل: المراد إيجاب قراءة القرآن دون الصلاة.
قوله تعالى: إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " الثقل كيفية جسمانية من خاصته أنه يشق حمل الجسم الثقيل ونقله من مكان إلى مكان وربما يستعار للمعاني إذا شق على النفس
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست