وقيل: ضمير ليعلم للرسول وضميرا " قد أبلغوا " و " ربهم " للملائكة الرصد والمعنى يرصد الملائكة الوحي ويحرسونه ليعلم الرسول أن الملائكة قد أبلغوا إليه الوحي كما صدر فتطمئن نفسه أنه سليم من تعرض الشياطين فإن لازم العلم بإبلاغهم إياه العلم ببلوغه.
ويبعده أن ظاهر السياق - ويؤيده سبق ذكر الرسول - أن المراد بالرسالات الرسالات التي حملها الرسول ليبلغها إلى الناس لا ما حملها ملك الوحي فضمير " ربهم " للرسل دون الملائكة، على أن الآية تشير إلى الملائكة بعنوان الرصد وهو غير عنوان الرسالة وشأن الرصد الحفظ والحراسة دون الرسالة.
وقيل: المعنى ليعلم محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن الرسل قبله قد أبلغوا رسالات ربهم، وهو وجه سخيف لا دليل عليه، وأسخف منه ما قيل: إن المعنى ليعلم مكذب الرسل أن الرسل قد أبلغوا رسالات ربهم إليهم.
وقوله: " وأحاط بما لديهم " ضمير الجمع للرسل بناء على ما تقدم من المعنى والظاهر أن الجملة متممة لمعنى الحراسة المذكورة سابقا فقوله: " من بين يديه " يشير إلى رصد ما بين الرسول والمرسل إليهم، وقوله: " ومن خلفه " إلى حفظ ما بينه ومصدر الوحي، وقوله: " وأحاط بما لديهم " يشير إلى ظرف نفس الرسول والإحاطة إحاطة علمية فالوحي في أمن من تطرق التغيير والتبديل فيما بين مصدر الوحي والرسول وفي نفس الرسول وفيما بين الرسول والمرسل إليهم.
ويمكن أن يكون المراد بما لديهم جميع ماله تعلق ما بالرسل أعم من مسير الوحي أو أنفسهم كما أن قوله: " وأحصى كل شئ عددا " مسوق لإفادة عموم العلم بالأشياء غير أنه العلم بعددها وتميز بعضها من بعض.
فقد تبين مما مر في الآيات الثلاث:
أولا: أن اختصاصه تعالى بعلم الغيب على نحو الأصالة بالمعنى الذي أوضحناه فهو تعالى يعلم الغيب بذاته وغيره يعلمه بتعليم منه.
وبه يظهر أن ما حكى في كلامه تعالى من إنكارهم العلم بالغيب أريد به نفى الأصالة والاستقلال دون ما كان بوحي كقوله تعالى: " قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا