تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٨٣
وهذا سابع الاحتمالات.
هذا ما يعطيه التدبر في الآيات في وجه ضبط ما فيها من الترديد وقد ذكروا في وجه الضبط غير ذلك من أراد الوقوف عليه فليراجع المطولات.
فقوله: " ما لكم كيف تحكمون " مسوق للتعجب من حكمهم بكون المجرمين يوم القيامة كالمسلمين، وهو إشارة إلى تأبي العقل عن تجويز التساوي، ومحصلة نفي حكم العقل بذلك إذ معناه: أي شئ حصل لكم من اختلال الفكر وفساد الرأي حتى حكمتم بذلك؟
قوله تعالى: " أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم لما تخيرون " إشارة إلى انتفاء الحجة على حكمهم بالتساوي من جهة السمع كما أن الآية السابقة كانت إشارة إلى انتفائها من جهة العقل.
والمراد بالكتاب الكتاب السماوي النازل من عند الله وهو حجة، ودرس الكتاب قراءته، والتخير الاختيار، وقوله: " إن لكم لما تخيرون " في مقام المفعول لتدرسون والاستفهام إنكاري.
والمعنى: بل ألكم كتاب سماوي تقرؤن فيه إن لكم في الآخرة - أو مطلقا - لما تختارونه فاخترتم السعادة والجنة.
قوله تعالى: " أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون " إشارة إلى انتفاء أن يملكوا الحكم بعهد ويمين شفاهي لهم على الله سبحانه.
والايمان جمع يمين وهو القسم، والبلوغ هو الانتهاء في الكمال فالايمان البالغة هي المؤكدة نهاية التوكيد، وقوله: " إلى يوم القيامة " على هذا ظرف مستقر متعلق بمقدر والتقدير:
أم لكم علينا أيمان كائنة إلى يوم القيامة مؤكدة نهاية التوكيد، الخ.
ويمكن أن يكون " إلى يوم القيامة " متعلقا ببالغة والمراد ببلوغ الايمان انطباقها على امتداد الزمان حتى ينتهى إلى يوم القيامة.
وقد فسروا الايمان بالعهود والمواثيق فيكون من باب إطلاق اللازم وإرادة الملزوم كناية، واحتمل أن يكون من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل.
وقوله: " إن لكم لما تحكمون " جواب القسم وهو المعاهد عليه، والاستفهام للانكار.
والمعنى: بل ألكم علينا عهود أقسمنا فيها إقساما مؤكدا إلى يوم القيامة إنا سلمنا
(٣٨٣)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (6)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست