تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٨٥
للعمل أو للفرار قال في الكشاف: فمعنى " يوم يكشف عن ساق " في معنى يوم يشتد الامر ويتفاقم، ولا كشف ثم ولا ساق كما تقول للأقطع الشحيح: يده مغلولة ولا يد ثم ولا غل وإنما هو مثل في البخل انتهى.
والآية وما بعدها إلى تمام خمس آيات اعتراض وقع في البين بمناسبة ذكر شركائهم الذين يزعمون أنهم سيسعدونهم لو كان هناك بعث وحساب فذكر سبحانه أن لا شركاء لله ولا شفاعة وإنما يحرز الانسان سعادة الآخرة بالسجود أي الخضوع لله سبحانه بتوحيد الربوبية في الدنيا حتى يحمل معه صفة الخضوع فيسعد بها يوم القيامة.
وهؤلاء المكذبون المجرمون لم يسجدوا لله في الدنيا فلا يستطيعون السجود في الآخرة فلا يسعدون ولا تتساوى حالهم وحال المسلمين فيها البتة بل الله سبحانه يعاملهم في الدنيا لاستكبارهم عن سجوده معاملة الاستدراج والاملاء حتى يتم لهم شقاؤهم فيردوا العذاب الأليم في الآخرة.
فقوله: " يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون " معناه أذكر يوم يشتد عليهم الامر ويدعون إلى السجود لله خضوعا فلا يستطيعون لاستقرار ملكة الاستكبار في سرائرهم واليوم تبلى السرائر (1).
وقوله: " خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة " حالان من نائب فاعل يدعون أي حال كون أبصارهم خاشعة وحال كونهم يغشاهم الذلة بقهر، ونسبة الخشوع إلى الابصار لظهور أثره فيها.
وقوله: " وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون " المراد بالسلامة سلامتهم من الآفات والعاهات التي لحقت نفوسهم بسبب الاستكبار عن الحق فسلبتها التمكن من إجابة الحق أو المراد مطلق استطاعتهم منه في الدنيا.
والمعنى: وقد كانوا في الدنيا يدعون إلى السجود لله وهم سالمون متمكنون منه أقوى تمكن فلا يجيبون إليه.
وقيل: المراد بالسجود الصلاة وهو كما ترى

(1) الطارق الآية 9.
(٣٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 ... » »»
الفهرست