تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٨٧
عند نزول الوحي فثقل حتى كادت ناقته أن تبرك من ثقل الوحي فسري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يسكب العرق عن جبهته ثم أخذ باذن زيد بن أرقم فرفعه من الرحل ثم قال:
يا غلام صدق قولك ووعى قلبك وأنزل الله فيما قلت قرآنا.
فلما نزل جمع أصحابه وقرأ عليهم سورة المنافقين: " بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاءك المنافقون - إلى قوله - ولكن المنافقين لا يعلمون " ففضح الله عبد الله بن أبي.
وفي تفسير القمي أيضا في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " كأنهم خشب مسندة " يقول: لا يسمعون ولا يعقلون " يحسبون كل صيحة عليهم " يعني كل صوت " هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أني يؤفكون ".
فلما أنبأ الله رسوله خبرهم مشى إليهم عشائرهم وقالوا افتضحتم ويلكم فأتوا رسول الله يستغفر لكم فلووا رؤوسهم وزهدوا في الاستغفار، يقول الله: " وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون ".
وفي الكافي بإسناده إلى سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى فوض إلى المؤمن أموره كلها، ولم يفوض إليه أن يذل نفسه ألم تر قول الله سبحانه وتعالى ههنا " لله العزة ولرسوله وللمؤمنين " والمؤمن ينبغي أن يكون عزيزا ولا يكون ذليلا.
أقول: وروى هذا المعنى بإسناده عن داود الرقي والحسن الأحمسي وبطريق آخر عن سماعة.
وفيه بإسناده عن مفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه. قلت: بما يذل نفسه؟ قال: يدخل فيما يعتذر منه.
(كلام حول النفاق في صدر الاسلام) يهتم القرآن بأمر المنافقين اهتماما بالغا ويكر عليهم كرة عنيفة بذكر مساوي أخلاقهم وأكاذيبهم وخدائعهم ودسائسهم والفتن التي أقاموها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى المسلمين، وقد تكرر ذكرهم في السور القرآنية كسورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة والعنكبوت والأحزاب والفتح والحديد والحشر والمنافقون والتحريم.
وقد أوعدهم الله في كلامه أشد الوعيد ففي الدنيا بالطبع على قلوبهم وجعل الغشاوة
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست