تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٧٨
قال: الفظ الغليظ. قلت: فما العتل الزنيم؟ قال: كل رحيب الجوف سئ الخلق أكول شروب غشوم ظلوم زنيم.
وفيه في معنى الزنيم: قيل هو الذي لا أصل له وفيه في تفسير القمي في قوله: " عتل بعد ذلك زنيم " قال: العتل العظيم الكفر الزنيم الدعي.
وفيه في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: " إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة " إن أهل مكة ابتلوا بالجوع كما ابتلي أصحاب الجنة وهي كانت في الدنيا وكانت باليمن يقال له الرضوان على تسعة أميال من صنعاء.
وفيه بإسناده إلى ابن عباس أنه قيل له إن قوما من هذه الأمة يزعمون أن العبد يذنب فيحرم به الرزق، فقال ابن عباس: فوالله الذي لا إله إلا هو هذا أنور في كتاب الله من الشمس الضاحية ذكره الله في سورة ن والقلم.
أنه كان شيخ وكان له جنة وكان لا يدخل إلى بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه فلما قبض الشيخ ورثه بنوه وكان له خمس من البنين فحملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا لم يكن حملته قبل ذلك فراحوا الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر فأشرفوا على ثمرة ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم.
فلما نظروا إلى الفضل طغوا وبغوا وقال بعضهم لبعض: إن أبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله وخرف فهلموا نتعاقد فيما بيننا أن لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين في عامنا شيئا حتى نستغني ويكثر أموالنا ثم نستأنف الصنيعة فيما استقبل من السنين المقبلة فرضي بذلك منهم أربعة وسخط الخامس وهو الذي قال الله: " قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون ".
فقال الرجل: يا ابن عباس كان أوسطهم في السن؟ فقال: لا بل كان أصغرهم سنا وأكبرهم عقلا وأوسط القوم خير القوم، والدليل عليه في القرآن قوله: إنكم يا أمة محمد أصغر الأمم وخير الأمم قوله عز وجل: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا ".
قال لهم أوسطهم: اتقوا وكونوا على منهاج أبيكم تسلموا وتغنموا فبطشوا به وضربوه ضربا مبرحا فلما أيقن الأخ منهم أنهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لأمرهم غير طائع.
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست