إلى نهاية وهو لازم إطلاق الملك بحسب السياق، وإن كان إطلاق الملك وهو من صفات الفعل من لوازم إطلاق القدرة وهي من صفات الذات.
وفي الآية مع ذلك إيماء إلى الحجة على إمكان ما سيأتي من أمر المعاد.
قوله تعالى: " الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور " الحياة كون الشئ بحيث يشعر ويريد، والموت عدم ذلك لكن الموت على ما يظهر من تعليم القرآن انتقال من نشأة من نشأت الحياة إلى نشأة أخرى كما تقدم استفادة ذلك من قوله تعالى: " نحن قدرنا بينكم الموت - إلى قوله - فيما لا تعلمون " الواقعة: 61، فلا مانع من تعلق الخلق بالموت كالحياة.
على أنه لو أخذ عدميا كما عند العرف فهو عدم ملكة الحياة وله حظ من الوجود يصحح تعلق الخلق به كالعمى من البصر والظلمة من النور.
وقوله: " ليبلوكم أيكم أحسن عملا " غاية خلقه تعالى الموت والحياة، والبلاء الامتحان والمراد أن خلقكم هذا النوع من الخلق وهو أنكم تحيون ثم تموتون خلق مقدمي امتحاني يمتاز به منكم من هو أحسن عملا من غيره ومن المعلوم أن الامتحان والتمييز لا يكون إلا لأمر ما يستقبلكم بعد ذلك وهو جزاء كل بحسب عمله.
وفي الكلام مع ذلك إشارة إلى أن المقصود بالذات من الخلقة هو إيصال الخير من الجزاء حيث ذكر حسن العمل وامتياز من جاء بأحسنه فالمحسنون عملا هم المقصودون بالخلقة وغيرهم مقصودون لأجلهم.
وقد ذيل الكلام بقوله: " وهو العزيز الغفور " فهو العزيز لان الملك والقدرة المطلقين له وحده فلا يغلبه غالب وما أقدر أحدا على مخالفته إلا بلاء وامتحانا وسينتقم منهم وهو الغفور لأنه يعفو عن كثير من سيئاتهم في الدنيا وسيغفر كثيرا منها في الآخرة كما وعد.
وفي التذييل بالاسمين مع ذلك تخويف وتطميع على ما يدعو إلى ذلك سياق الدعوة.
واعلم أن مضمون الآية ليس مجرد دعوى خالية عن الحجة يراد به التلقين كما ربما يتوهم بل هي مقدمة قريبة من الضرورة - أو هي ضرورية - تستدعي الحكم بضرورة البعث للجزاء فإن الانسان المتلبس بهذه الحياة الدنيوية الملحوقة للموت لا يخلو من أن يحصل له وصف حسن العمل أو خلافه وهو مجهز بحسب الفطرة بما لولا عروض عارض السوء لساقه