تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٦٠
ويمكن أن يستفاد أن الآية عدم سقوطهن وهن صافات، وآية أخرى أنهن ربما يقبضن ولا يسقطن حينما يقبضن.
ولا يخفى ما في ذكر طيران الطير في الهواء بعد ذكر جعل الأرض ذلولا والانسان على مناكبها من اللطف.
قوله تعالى: " أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان إن الكافرون إلا في غرور " توبيخ وتقريع لهم في اتخاذهم آلهة من دون الله لينصروهم ولذا التفت عن الغيبة إلى الخطاب فخاطبهم ليشتد عليهم التقريع.
وقوله: " أمن هذا الذي " الخ، معناه بل من الذي يشار إليه فيقال: هذا جند لكم ينصركم من دون الرحمان إن أرادكم بسوء أو عذاب؟ فليس دون الله من ينصركم عليه، وفيه إشارة إلى خطأهم في اتخاذ بعض خلق الله آلهة لينصروهم في النوائب وهم مملوكون لله لا يملكون لأنفسهم نفعا وضرا ولا لغيرهم.
وإذ لم يكن لهم جواب أجاب تعالى بقوله: " إن الكافرون إلا في غرور " أي أحاط بهم الغرور وغشيهم فخيل إليهم ما يدعون من ألوهية آلهتهم.
قوله تعالى: " أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور " أي بل من الذي يشار إليه بأن هذا هو الذي يرزقكم إن أمسك الله رزقه فينوب مقامه فيرزقكم؟ ثم أجاب سبحانه بقوله: " بل لجوا في عتو ونفور " أي إن الحق قد تبين لهم لكنهم لا يخضعون للحق بتصديقه ثم اتباعه بل تمادوا في ابتعادهم من الحق ونفورهم منه، ولجوا في ذلك.
قوله تعالى: " أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أم من يمشي سويا على صراط مستقيم " إكباب الشئ على وجهه إسقاطه عليه، وقال في الكشاف: معنى أكب دخل في الكب وصار ذا كب.
استفهام إنكاري عن استواء الحالين تعريضا لهم بعد ضرب حجاب الغيبة عليهم وتحريمهم من تشريف الحضور والخطاب بعد استقرار اللجاج فيهم، والمراد أنهم بلجاجهم في عتو عجيب ونفور من الحق كمن يسلك سبيلا وهو مكب على وجه لا يرى ما في الطريق من ارتفاع وانخفاض ومزالق ومعاثر فليس هذا السائر كمن يمشي سويا على صراط مستقيم فيرى موضع قدمه وما يواجهه من الطريق على استقامة، وما يقصده من الغاية
(٣٦٠)
مفاتيح البحث: الضرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 ... » »»
الفهرست