دار القرب من الله وجوار رب العالمين كما قال تعالى: " بل أحياء عند ربهم يرزقون " آل عمران: 169.
على أن الحضور عنده تعالى والقرب منه كرامة معنوية والاستقرار في الجنة كرامة صورية، وسؤال الجمع بينهما سؤال الجمع بين الكرامتين.
وقوله: " ونجني من فرعون وعمله " تبر منها وسؤال أن ينجيها الله من شخص فرعون ومن عمله الذي تدعو ضرورة المصاحبة والمعاشرة إلى الشركة فيه والتلبس به، وقيل:
المراد بالعمل الجماع.
وقوله: " ونجني من القوم الظالمين " وهم قوم فرعون وهو تبر آخر وسؤال أن ينجيها الله من المجتمع العام كما أن الجملة السابقة كانت سؤال أن ينجيها من المجتمع الخاص.
قوله تعالى: " ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا " الخ، عطف على امرأة فرعون والتقدير وضرب الله مثلا للذين آمنوا مريم الخ.
ضربها الله مثلا باسمها وأثنى عليها ولم يذكر في كلامه تعالى امرأة باسمها غيرها ذكر اسمها في القرآن في بضع وثلاثين موضعا في نيف وعشرين سورة.
وقوله: " التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا " ثناء عليها على عفتها، وقد تكرر في القرآن ذكر ذلك ولعل ذلك بإزاء ما افتعله اليهود من البهتان عليها كما قال تعالى: " وقولهم على مريم بهتانا عظيما " النساء: 156، وفي سورة الأنبياء في مثل القصة: " والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها " الأنبياء: 91.
وقوله: " وصدقت بكلمات ربها " أي بما تكلم به الله سبحانه من الوحي إلى أنبيائه كما قيل، وقيل: المراد بها وعده تعالى ووعيده وأمره ونهيه، وفيه أنه يستلزم كون ذكر الكتب مستدركا.
وقوله: " وكتبه " وهي المشتملة على شرائع الله المنزلة من السماء كالتوراة والإنجيل كما هو مصطلح القرآن ولعل المراد من تصديقها كلمات ربها وكتبه كونها صديقة كما في قوله تعالى: " ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة " المائدة: 75.
وقوله: " وكانت من القانتين " أي من القوم المطيعين لله الخاضعين له الدائمين عليه غلب فيه المذكر على المؤنث.