الجنين في بطن أمه وإحيائه الموتى في البعث وإيجاده الجماد ميتا من غير سبق حياة وإماتته الانسان في الدنيا وإماتته ثانيا في البرزخ على ما يشير إليه قوله: " ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين " المؤمن: 11، وفي " يحيي ويميت " دلالة على الاستمرار.
وقوله: " وهو على كل شئ قدير " فيه إشارة إلى صفة قدرته وأنها مطلقة غير مقيدة بشئ دون شئ، وفي تذييل الآية بالقدرة على كل شئ مناسبة مع ما تقدمها من الاحياء والإماتة لما ربما يتوهمه المتوهم أن لا قدرة على إحياء الموتى ولا عين منهم ولا أثر.
قوله تعالى: " هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم " لما كان تعالى قديرا على كل شئ مفروض كان محيطا بقدرته على كل شئ من كل جهة فكل ما فرض أولا فهو قبله فهو الأول دون الشئ المفروض أولا، وكل ما فرض آخرا فهو بعده لإحاطة قدرته به من كل جهة فهو الآخر دون الشئ المفروض آخرا، وكل شئ فرض ظاهرا فهو أظهر منه لإحاطة قدرته به من فوقه فهو الظاهر دون المفروض ظاهرا، وكل شئ فرض أنه باطن فهو تعالى أبطن منه لإحاطته به من ورائه فهو الباطن دون المفروض باطنا فهو تعالى الأول والآخر والظاهر والباطن على الاطلاق وما في غيره تعالى من هذه الصفات فهي إضافية نسبية.
وليست أوليته تعالى ولا آخريته ولا ظهوره ولا بطونه زمانية ولا مكانية بمعنى مظروفيته لهما وإلا لم يتقدمهما ولا تنزه عنهما سبحانه بل هو محيط بالأشياء على أي نحو فرضت وكيفما تصورت.
فبان مما تقدم أن هذه الأسماء الأربعة الأول والآخر والظاهر والباطن من فروع اسمه المحيط وهو فرع إطلاق القدرة فقدرته محيطة بكل شئ ويمكن تفريع الأسماء الأربعة على إحاطة وجوده بكل شئ فإنه تعالى ثابت قبل ثبوت كل شئ وثابت بعد فناء كل شئ وأقرب من كل شئ ظاهر وأبطن من الأوهام والعقول من كل شئ خفي باطن.
وكذا للأسماء الأربعة نوع تفرع على علمه تعالى ويناسبه تذييل الآية بقوله: " وهو بكل شئ عليم ".
وفسر بعضهم الأسماء الأربعة بأنه الأول قبل كل شئ والآخر بعد هلاك كل شئ الظاهر بالأدلة الدالة عليه والباطن غير مدرك بالحواس.