تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٤٩
وبعديته بتبع الزمان وكان الزمان هو الأول والآخر بالأصالة.
وكذلك ليست ظاهريته وباطنيته بحسب المكان بنظير البيان بل هو تعالى سابق بنفس ذاته المتعالية على كل شئ مفروض وآخر بنفس ذاته عن كل أمر مفروض أنه آخر، وظاهر، وباطن كذلك، والزمان مخلوق له متأخر عنه.
وفي الدر المنثور أخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عمر وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال الناس يسألون عن كل شئ حتى يقولوا: هذا الله كان قبل كل شئ فماذا كان قبل الله فإن قالوا لكم ذلك فقولوا: هو الأول قبل كل شئ وهو الآخر فليس بعده شئ وهو الظاهر فوق كل شئ وهو الباطن دون كل شئ وهو بكل شئ عليم.
وفي التوحيد بإسناده إلى أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لم يزل الله عز وجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم فلما أحدث الأشياء وقع العلم منه على المعلوم.
أقول: ليس المراد بهذا العلم الصور الذهنية فيكون تعالى كباني دار يتصور للدار صورة وهيئة قبل بنائها ثم يبنيها على ما تصور فتنطبق الصورة الذهنية على البناء الخارجي ثم تنهدم الدار والصورة الذهنية على حالها، وهذا هو المسمى بالعلم الكلي وهو مستحيل عليه تعالى بل ذاته تعالى عين العلم بمعلومه ثم المعلوم إذا تحقق في الخارج كان ذات المعلوم عين علمه تعالى به، ويسمى الأول العلم الذاتي والثاني العلم الفعلي.
وفيه خطبة لعلي عليه السلام وفيها: وعلمها لا بأداة لا يكون العلم إلا بها، وليس بينه وبين معلومه علم غيره.
أقول: المراد به أن ذاته تعالى عين علمه، وليست هناك صورة زائدة.
آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير _ 7. وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين _ 8. هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست