تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٤٩
وفي قوله: (إن الله غفور شكور) التفات من التكلم إلى الغيبة والوجه فيه الإشارة إلى علة الاتصاف بالمغفرة والشكر فإن المعنى: إن الله غفور شكور لأنه الله عز اسمه.
قوله تعالى: (أم يقولون افترى على الله كذبا) إلى آخر الآية أم منقطعة، والكلام مسوق للتوبيخ ولازمه إنكار كونه صلى الله عليه وآله وسلم مفتريا على الله كذبا.
وقوله: (فإن يشأ الله يختم على قلبك) معناه على ما يعطيه السياق أنك لست مفتريا على الله كذبا فإنه ليس لك من الامر شئ حتى تشاء الفرية فتأتي بها وإنما هو وحي من الله سبحانه من غير أن يكون لك فيه صنع والامر إلى مشيته تعالى فإن يشأ يختم على قلبك وسد باب الوحي إليك، لكنه شاء أن يوحي إليك ويبين الحق، وقد جرت سنته أن يمحو الباطل ويحق الحق بكلماته.
فقوله: فإن يشأ الله يختم على قلبك) كناية عن إرجاع الامر إلى مشية الله وتنزيه لساحة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتي بشئ من عنده.
وهذا المعنى - كما سترى - أنسب للسياق بناء على كون المراد بالقربى قرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتوبيخ متوجها إلى المنافقين ومرضى القلوب.
وقد ذكروا في معنى الجملة وجوها أخر:
منها: ما ذكرة الزمخشري في الكشاف حيث فسر قوله: (فإن يشأ الله يختم على قلبك) بقوله: فإن يشأ الله يجعلك من المختوم على قلوبهم حتى تفتري عليه الكذب فإنه لا يفتري على الله الكذب إلا من كان في مثل حالهم.
وهذا الأسلوب مؤداه استبعاد الافتراء من مثله وأنه في البعد مثل الشرك بالله والدخول في جملة المختوم على قلوبهم، ومثال هذا أن يخون بعض الامناء فيقول: لعل الله خذلني لعل الله أعمى قلبي وهو لا يريد إثبات الخذلان وعمى القلب وإنما يريد استبعاد أن يخون مثله والتنبيه على أنه ركب من تخوينه أمر عظيم. انتهى.
ومنها ما قيل: إن المعنى لو حدثت نفسك بأن تفتري على الله الكذب لطبع
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست