تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٣٩
والآية في مساق قوله: (وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد) ألم السجدة: 10.
والمعنى: إنهم يتعجبون ويقولون: أإذا متنا وكنا ترابا - وبطلت ذواتنا بطلانا لا أثر معه منها - نبعث ونرجع؟ ثم كأن قائلا يقول لهم: مم تتعجبون؟ فقالوا: ذلك رجع بعيد يستبعده العقل ولا يسلمه.
قوله تعالى: (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ) رد منه تعالى لاستبعادهم البعث والرجوع مستندين في ذلك إلى أنهم ستتلاشى أبدانهم بالموت فتصير ترابا متشابه الاجزاء لا تمايز لجزء منها من جزء والجواب أنا نعلم بما تأكله الأرض من أبدانهم وتنقصه منها فلا يفوت علمنا جزء من أجزائهم حتى يتعسر علينا إرجاعه أو يتعذر بالجهل.
أو أنا نعلم من يموت منهم فيدفن في الأرض فتنقصه الأرض من جمعهم، و (من) على أول الوجهين تبعيضية وعلى الثاني تبيينية.
وقوله: (وعندنا كتاب حفيظ) أي حافظ لكل شئ ولآثاره وأحواله، أو كتاب ضابط للحوادث محفوظ عن التغيير والتحريف، وهو اللوح المحفوظ الذي فيه كل ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة.
وقول بعضهم إن المراد به كتاب الأعمال غير سديد أولا من جهة أن الله ذكره حفيظا لما تنقص الأرض منهم وهو غير الأعمال التي يحفظه كتاب الأعمال.
وثانيا: أنه سبحانه إنما وصف في كلامه بالحفظ اللوح المحفوظ دون كتب الأعمال فحمل الكتاب الحفيظ على كتاب الأعمال من غير شاهد.
ومحصل جواب الآية أنهم زعموا أن موتهم وصيرورتهم ترابا متلاشي الذرات غير متمايز الاجزاء يصيرهم مجهولي الاجزاء عندنا فيمتنع علينا جمعها وإرجاعها لكنه زعم باطل فإنا نعلم بمن مات منهم وما يتبدل إلى الأرض من أجزاء أبدانهم وكيف يتبدل وإلى أين يصير؟ وعندنا كتاب حفيظ فيه كل شئ وهو اللوح المحفوظ.
قوله تعالى: (بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج) المرج الاختلاط والالتباس، وفي الآية إضراب عما تلوح إليه الآية السابقة فإن اللائح منها أنهم إنما
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست