تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٧٨
اللحوق وليس لهم ذلك غير أنهم سيدعون إلى قتال قوم آخرين فإن أطاعوا كان لهم الاجر الجزيل وإن تولوا فأليم العذاب.
قوله تعالى: (سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا) إلى آخر الآية، قال في المجمع: المخلف هو المتروك في المكان خلف الخارجين من البلد، وهو مشتق من الخلف وضده المقدم. انتهى. والاعراب - على ما قالوا - الجماعة من عرب البادية ولا يطلق على عرب الحاضرة، وهو اسم جمع لا مفرد له من لفظه.
وقوله: (سيقول لك المخلفون من الاعراب) إخبار عما سيأتي من قولهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي اللفظ دلالة ما على نزول الآيات في رجوعه صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية إلى المدينة ولما يردها.
وقوله: (شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا) أي كان الشاغل المانع لنا عن صحابتك والخروج معك هو أموالنا وأهلونا حيث لم يكن هنا من يقوم بأمرنا فخفنا ضيعتها فلزمناها فاستغفر لنا الله تعالى يغفر لنا تخلفنا عنك، وفي سؤال الاستغفار دليل على أنهم كانوا يرون التخلف ذنبا فتعلقهم بأنه شغلتهم الأموال والأهلون ليس اعتذارا للتبري عن الذنب بل ذكرا للسبب الموقع في الذنب.
وقوله: (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) تكذيب لهم في جميع ما أخبروا به وسألوه فلا أن الشاغل لهم هو شغل الأموال والأهلين، ولا أنهم يهتمون باستغفاره صلى الله عليه وآله، وسلم وإنما سألوه ليكون ذلك جنة يصرفون بها العتاب والتوبيخ عن أنفسهم.
وقوله: (قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا) جواب حلي عما اعتذروا به من شغل الأموال والأهلين محصله أن الله سبحانه له الخلق والامر وهو المالك المدبر لكل شئ لا رب سواه فلا ضر ولا نفع إلا بإرادته ومشيته فلا يملك أحد منه تعالى شيئا حتى يقهره على ترك الضر أو فعل الخير إن أراد الضر أو على ترك الخير إن أراد ما لا يريده هذا القاهر من الخير، وإذا كان كذلك فانصرافكم عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم نصرة للدين واشتغالكم بما اعتللتم به من حفظ الأموال
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست