تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٩
على (تنذر) السابق وهو من عطف الخاص على العام لأهميته كأنه قيل: لتنذر الناس وتخوفهم من الله وخاصة من سخطه يوم الجمع.
وقوله: (يوم الجمع) مفعول ثان لقوله: (تنذر) وليس بظرف له وهو ظاهر، ويوم الجمع هو يوم القيامة قال تعالى: (ذلك يوم مجموع له الناس - إلى أن قال - (فمنهم شقي وسعيد) هود: 105.
وقوله: (فريق في الجنة وفريق في السعير) في مقام التعليل ودفع الدخل كأنه قيل:
لما ذا ينذرهم يوم الجمع؟ فقيل: (فريق في الجنة وفريق في السعير) أي إنهم يتفرقون فريقين: سعيد مثاب وشقي معذب فلينذروا حتى يتحرزوا سبيل الشقاء والهبوط في مهبط الهلكة.
قوله تعالى: (ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة) إلى آخر الآية لما كانت الآية مسوقة لبيان لزوم الانذار والنبوة من جهة تفرق الناس فريقين يوم القيامة كان الأسبق إلى الذهن من جعلهم أمة واحدة مطلق رفع التفرق والتميز من بينهم بتسويتهم جميعا على صفة واحدة من غير فرق وميز، ولم تقع عند ذلك حاجة إلى النبوة والانذار.
وقوله: (ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولى ولا نصير) استدراك يبين فيه أن سنته تعالى جرت على التفريق ولم يشأ جعلهم أمة واحدة يدل على ذلك قوله: (يدخل من يشاء) الدال على الاستمرار، ولم يقل: ولكن أدخل ونحوه.
وقد قوبل في الآية قوله: (من يشاء) بقوله: (والظالمون) فالمراد بمن يشاء غير الظالمين وقد فسر الظالمين يوم القيامة بقوله: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون) الأعراف: 45 فهم المعاندون المنكرون للمعاد.
وقوبل أيضا بين الادخال في الرحمة وبين نفى الولي والنصير فالمدخلون في رحمته هم الذين وليهم الله، والذين ما لهم من ولي ولا نصير هم الذين لا يدخلهم الله في رحمته، وأيضا الرحمة هي الجنة وانتفاء الولاية والنصرة يلازم السعير.
فمحمل معنى الآية: أن الله سبحانه إنما قدر النبوة والانذار المتفرع على الوحي لمكان
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست