تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٣
الاله واحد أو كثير، وربما كان في عمل أو ما يرجع إليه كالاختلاف في أمور المعيشة وشؤون الحياة فهو أعني الحكم يساوق القضاء مصداقا وإن اختلفا مفهوما.
ثم الحكم والقضاء إنما يتم إذا ملكه الحاكم بنوع من الملك والولاية وإن كان بتمليك المختلفين له ذلك كالمتنازعين إذا رجعا إلى ثالث فاتخذاه حكما ليحكم بينهما ويتسلما ما يحكم به فقد ملكاه الحكم بما يرى وأعطياه من نفسهما القبول والتسليم فهو وليهما في ذلك.
والله سبحانه هو المالك لكل شئ لا مالك سواه لكون كل شئ بوجوده وآثار وجوده قائما به تعالى فله الحكم والقضاء بالحق قال تعالى: (كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون) القصص: 88، وقال (إن الله يحكم ما يريد) المائدة: 2 وقال: الحق من ربك) آل عمران: 60.
وحكمه تعالى إما تكويني وهو تحقيقه وتثبيته المسببات قبال الأسباب المجتمعة عليها المتنازعة فيها بتقديم ما نسميه سببا تاما على غيره قال تعالى حاكيا عن يعقوب (ع): (إن الحكم إلا لله عليه توكلت) يوسف: 67 وإما تشريعي كالتكاليف الموضوعة في الدين الإلهي الراجعة إلى الاعتقاد والعمل قال تعالى: (إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) يوسف: 40.
وهناك قسم ثالث من الحكم يمكن أن يعد من كل من القسمين السابقين بوجه وهو حكمه تعالى يوم القيامة بين عباده فيما اختلفوا فيه وهو إعلانه وإظهاره الحق يوم القيامة لأهل الجمع يشاهدونه مشاهدة عيان وإيقان فيسعد به وبآثاره من كان مع الحق ويشقى بالاستكبار عليه وتبعات ذلك من استكبر عليه قال تعالى: (فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) البقرة: 113.
ثم إن اختلاف الناس في عقائدهم وأعمالهم اختلاف تشريعي لا يرفعه إلا الاحكام والقوانين التشريعية ولولا الاختلاف لم يوجد قانون كما يشير إليه قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه) البقرة: 213،
(٢٣)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (2)، الهلاك (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست