تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٢
الله) (أم) تفيد الانكار كما ذكره الزمخشري لما أفاد في الآية السابقة أن الله سبحانه يتولى أمر المؤمنين خاصة فيدخلهم في رحمته وأن الظالمين هم الكافرون المعاندون لأولي لهم تعرض في هذه الآية لاتخاذهم أولياء يدينون لهم ويعبدونهم من دونه وكان يجب أن يتخذوا الله وليا يدينون له ويعبدونه فأنكر عليهم ذلك واحتج على وجوب اتخاذه وليا بالحجة بعد الحجة وذلك قوله: (فالله هو الولي) الخ.
فقوله: (فالله هو الولي) تعليل للانكار السابق لاتخاذهم من دونه أولياء فيكون حجة لوجوب اتخاذه وليا، والجملة - فالله هو الولي - تفيد حصر الولاية في الله وقد تبينت الحجة على أصل ولايته وانحصارها فيه من قوله في الآيات السابقة: (العزيز الحكيم له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم) كما أشرنا إليه في تفسير الآيات.
والمعنى: أنه تعالى ولي ينحصر فيه الولاية فمن الواجب على من يتخذ وليا أن يتخذه) وليا ولا يتعداه إلى غيره إذ لا ولي غيره.
وقوله: (وهو يحيي الموتى) حجة ثانية على وجوب اتخاذه تعالى وحده وليا، ومحصله أن عمدة الغرض في اتخاذ الولي والتدين له بعبوديته التخلص من عذاب السعير والفوز بالجنة يوم القيامة والمثيب والمعاقب يوم القيامة هو الله الذي يحيى الموتى فيجمعهم فيجازيهم بأعمالهم فهو الذي يجب أن يتخذ وليا دون أوليائهم الذين هم أموات غير أحياء ولا يشعرون أيان يبعثون.
وقوله: (وهو على كل شئ قدير) حجة ثالثة على وجوب اتخاذه تعالى وليا دون غيره، ومحصله أن من الواجب في باب الولاية أن يكون للولي قدرة على ما يتولاه من شؤون من يتولاه وأموره، والله سبحانه على كل شئ قدير ولا قدرة لغيره إلا مقدار ما أقدره الله عليه وهو المالك لما ملكه والقادر على ما عليه أقدره فهو الولي لا ولي غيره تعالى وتقدس.
وقوله: (وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله) حجة رابعة على كونه تعالى وليا لا ولي غيره، وحكم الحاكم بين المختلفين هو إحكامه وتثبيته الحق المضطرب بينهما بسبب تخالفهما بالاثبات والنفي، والاختلاف ربما كان في عقيدة كالاختلاف في أن
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست