وقد تبين أن الحكم التشريعي لله سبحانه فهو الولي في ذلك فيجب أن يتخذ وحده وليا فيعبد ويدان بما أنزله من الدين.
وهذا معنى قوله: (وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله) ومحصل الحجة أن الولي الذي يعبد ويدان له يجب أن يكون رافعا لاختلافات من يتولونه مصلحا لما فسد من شؤون مجتمعهم سائقا لهم إلى سعادة الحياة الدائمة بما يضعه عليهم من الحكم وهو الدين، والحكم في ذلك إلى الله سبحانه، فهو الولي الذي يجب أن يتخذ وليا لا غير.
وللقوم في تفسير الآية أعني قوله: (وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله) تفاسير أخر فقيل: هو حكاية قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمؤمنين أي ما خالفكم فيه الكفار من أهل الكتاب والمشركين فاختلفتم أنتم وهم فيه من أمر من أمور الدين، فحكم ذلك المختلف فيه مفوض إلى الله وهو إثابة المحقين فيه من المؤمنين ومعاقبة المبطلين ذكره صاحب الكشاف.
وقيل معناه ما اختلفتم فيه وتنازعتم في شئ من الخصومات فتحاكموا فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا تؤثروا على حكومته حكومة غيره كقوله تعالى: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول).
وقيل: المعنى ما اختلفتم فيه من تأويل آية واشتبه عليكم فارجعوا في بيانه إلى محكم كتاب الله وظاهر سنة رسول الله صلى الله عليه وآله.
وقيل: المعنى وما اختلفتم فيه من العلوم مما لا يتصل بتكليفكم ولا طريق لكم إلى علمه فقولوا: الله أعلم كمعرفة الروح قال تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي). والآية على جميع هذه الأقوال من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم إما بنحو الحكاية وإما بتقدير (قل) في أولها.
وأنت بالتدبر في سياق الآيات ثم الرجوع إلى ما تقدم لا ترتاب في سقوط هذه الأقوال.
قوله تعالى: (ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب) كلام محكي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم،