تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٢٤٣
فإن فحواه أن الكافر والشاكر لا يستويان ولا يختلطان فأوضح ذلك في هذه الآية بأن القانت الذي يخاف العذاب ويرجو رحمة ربه لا يساوي غيره.
فقوله: " أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه " أحد شقي الترديد محذوف والتقدير أهذا الذي ذكرناه خير أم من هو قانت الخ؟
والقنوت - على ما ذكره الراغب - لزوم الطاعة مع الخضوع، والاناء جمع أنى وهو الوقت، و " يحذر الآخرة " أي عذاب الله في الآخرة قال تعالى: " إن عذاب ربك كان محذورا " أسرى: 57، وقوله: " يرجو رحمة ربك " هو وما قبله يجمعان خوف العذاب ورجاء الرحمة، ولم يقيد الرحمة بالآخرة فإن رحمة الآخرة ربما وسعت الدنيا.
والمعنى أهذا الكافر الذي هو من أصحاب النار خير أم من هو لازم للطاعة والخضوع لربه في أوقات الليل إذا جن عليه ساجدا في صلاته تارة قائما فيها أخرى يحذر عذاب الآخرة ويرجو رحمة ربه؟ أي لا يستويان.
وقوله: " قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون " العلم وعدمه مطلقان لكن المراد بهما بحسب ما ينطبق على مورد الآية العلم بالله وعدمه فإن ذلك هو الذي يكمل به الانسان وينتفع بحقيقة معنى الكلمة ويتضرر بعدمه، وغيره من العلم كالمال ينتفع به في الحياة الدنيا ويفنى بفنائها.
وقوله: " إنما يتذكر أولو الألباب " أي ذوو العقول وهو في مقام التعليل لعدم تساوى الفريقين بأن أحد الفريقين يتذكر حقائق الأمور دون الفريق الاخر فلا يستويان بل يترجح الذين يعلمون على غيرهم.
قوله تعالى: " قل يا عبادي الذين آمنوا اتقوا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة " إلى آخر الآية، الجار والمجرور " في هذه الدنيا " متعلق بقوله: " أحسنوا " فالمراد بالجملة وعد الذين أحسنوا أي لزموا الأعمال الحسنة أن لهم حسنة لا يقدر وصفها بقدر.
وقد أطلق الحسنة فلم يقيدها بدنيا أو آخرة وظاهرها ما يعلم الدنيا فللمؤمنين المحسنين في هذه الدنيا طيب النفس وسلامة الروح وصون النفوس عما يتقلب فيه الكفار من تشوش البال وتقسم القلب وغل الصدر والخضوع للأسباب الظاهرية وفقد من يرجى
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382