تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٤
قيل: المراد بضم الجناح إليه من الرهب أن يجمع يديه على صدره إذا عرضه الخوف عند مشاهدة انقلاب العصا حية ليذهب ما في قلبه من الخوف.
وقيل: انه لما ألقى العصا وصارت حية بسط يديه كالمتقي وهما جناحاه فقيل له: اضمم إليك جناحك أي لا تبسط يديك خوف الحية فإنك آمن من ضررها.
والوجهان - كما ترى - مبنيان على كون الجملة أعني قوله: (واضمم) الخ، من تتمة قوله: (أقبل ولا تخف انك من الآمنين) وهذا لا يلائم تخلل قوله: (اسلك يدك في جيبك) الخ، بين الجملتين بالفصل من غير عطف.
وقيل: الجملة كناية عن الامر بالعزم على ما أراده الله سبحانه منه والحث على الجد في أمر الرسالة لئلا يمنعه ما يغشاه من الخوف في بعض الأحوال.
ولا يبعد أن يكون المراد بالجملة الامر بأن يأخذ لنفسه سيماء الخاشع المتواضع فان من دأب المتكبر المعجب بنفسه أن يفرج بين عضديه وجنبيه كالمتمطي في مشيته فيكون في معنى ما أمر الله به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التواضع للمؤمنين بقوله: (واخفض جناحك للمؤمنين) الحجر: 88 على بعض المعاني.
قوله تعالى: (قال رب انى قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون) إشارة إلى قتله القبطي بالوكز وكان يخاف أن يقتلوه قصاصا.
قوله تعالى: (وأخي هارون هو أفصح منى لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني انى أخاف أن يكذبون) قال في المجمع: يقال: فلان ردء لفلان إذا كان ينصره ويشد ظهره. انتهى.
وقوله: (انى أخاف أن يكذبون) تعليل لسؤاله ارسال هارون معه، والسياق يدل على أنه كان يخاف أن يكذبوه فيغضب ولا يستطيع بيان حجته للكنة كانت في لسانه لا أنه سأل ارساله لئلا يكذبوه فان من يكذبه لا يبالي أن يكذب هارون معه ومن الدليل على ذلك ما وقع في سورة الشعراء في هذا الموضع من القصة من قوله: (قال رب انى أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون) الشعراء: 13.
فمحصل المعنى: أن أخي هارون هو أفصح منى لسانا فأرسله معينا لي يبين
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست