تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٢
معه خطاب (1) الجمع.
قوله تعالى: (فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة) الخ قال في المفردات: شاطئ الوادي جانبه، وقال: أصل الوادي الموضع الذي يسيل منه الماء ومنه سمى المنفرج بين الجبلين واديا وجمعه أودية انتهى والبقعة القطعة من الأرض على غير هيئة التي إلى جنبها.
والمراد بالأيمن الجانب الأيمن مقابل الأيسر وهو صفة الشاطئ ولا يعبؤ بما قاله بعضهم: ان الأيمن من اليمين مقابل الا شأم من الشؤم.
والبقعة المباركة قطعة خاصة من الشاطئ الأيمن في الوادي كانت فيه الشجرة التي نودي منها، ومباركتها لتشرفها بالتقريب والتكليم الإلهي وقد أمر بخلع نعليه فيها لتقدسها كما قال تعالى في القصة من سورة طه: (فاخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى) طه: 12.
ولا ريب في دلالة الآية على أن الشجرة كانت مبدء للنداء والتكليم بوجه غير أن الكلام وهو كلام الله سبحانه لم يكن قائما بها كقيام الكلام بالمتكلم منا فلم تكن الا حجابا احتجب سبحانه به فكلمه من ورائه بما يليق بساحة قدسه من معنى الاحتجاب وهو على كل شئ محيط، قال تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله الا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحى باذنه ما يشاء) الشورى: 51.
ومن هنا يظهر ضعف ما قيل: ان الشجرة كانت محل الكلام لان الكلام عرض يحتاج إلى محل يقوم به.
وكذا ما قيل: ان هذا التكليم أعلى منازل الأنبياء عليهم السلام أن يسمعوا كلام الله سبحانه من غير واسطة ومبلغ. وذلك أنه كان كلاما من وراء حجاب والحجاب واسطة وظاهر آية الشورى المذكورة آنفا أن أعلى التكليم هو الوحي من غير واسطة حجاب أو رسول مبلغ.

(1) وفى التوراة الحاضرة أنه حمل معه إلى مصر امرأته وبنيه (سفر الخروج الأصحاح الرابع آية 20).
(٣٢)
مفاتيح البحث: الأنبياء (ع) (1)، سورة طه (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست