تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢١
والمعنى: فأصبح موسى في المدينة - ولم يرجع إلى بلاط فرعون - والحال أنه خائف من فرعون ينتظر الشر ففاجأه أن الإسرائيلي الذي استنصره على القبطي بالأمس يستغيث به رافعا صوته على قبطي آخر قال موسى للإسرائيلي توبيخا وتأنيبا:
انك لغوي مبين لا تسلك سبيل الرشد والصواب لأنه كان يخاصم ويقتتل قوما ليس في مخاصمتهم والمقاومة عليهم الا الشر كل الشر.
قوله تعالى: (فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس) إلى آخر الآية، ذكر جل المفسرين أن ضمير (قال) للإسرائيلي الذي كان يستصرخه وذلك أنه ظن أن موسى إنما يريد أن يبطش به لما سمعه يعاتبه قبل بقوله: (انك لغوي مبين) فهاله ما رأى من ارادته البطش فقال:
يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس) الخ، فعلم القبطي عند ذلك أن موسى هو الذي قتل القبطي بالأمس فرجع إلى فرعون فأخبره الخبر فائتمروا بموسى وعزموا على قتله.
وما ذكروه في محله لشهادة السياق بذلك فلا يعبأ بما قيل: ان القائل هو القبطي دون الإسرائيلي، هذا ومعنى باقي الآية ظاهر. وفى قوله: (أن يبطش بالذي هو عدو لهما) تعريض للتوراة الحاضرة حيث تذكر أن المتقاتلين هذين كانا جميعا إسرائيليين، وفيه أيضا تأييد أن القائل: (يا موسى أتريد) الخ، الإسرائيلي دون القبطي لان سياقه سياق اللوم والشكوى.
قوله تعالى: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى ان الملا يأتمرون بك ليقتلوك) الخ، الائتمار المشاورة، والنصيحة خلاف الخيانة.
والظاهر كون قوله: (من أقصى المدينة (قيدا لقوله: (جاء) فسياق القصة يعطى أن الائتمار كان عند فرعون وبأمر منه، وأن هذا الرجل جاء من هناك وقد كان قصر فرعون في أقصى المدينة وخارجها فأخبر موسى بما قصدوه من قتله وأشار عليه بالخروج من المدينة.
وهذا الاستئناس من الكلام يؤيد ما تقدم أن قصر فرعون الذي كان يسكنه كان خارج المدينة، ومعنى الآية ظاهر.
(٢١)
مفاتيح البحث: القتل (3)، الظنّ (1)، النصح (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست