تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٦
قوله تعالى: (فجاءته إحداهما تمشى على استحياء) إلى آخر الآية. ضمير إحداهما للمرأتين، وتنكير الاستحياء للتفخيم والمراد بكون مشيها على استحياء ظهور التعفف من مشيتها، وقوله: (ليجزيك أجر ما سقيت لنا) ما مصدرية أي ليعطيك جزاء سقيك لنا، وقوله: (فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف) الخ يلوح إلى أن شعيبا استفسره حاله فقص عليه قصته فطيب نفسه بأنه نجى منهم إذ لا سلطان لهم على مدين.
وعند ذلك تمت استجابته تعالى لموسى عليه السلام أدعيته الثلاثة فقد كان سأل الله تعالى عند خروجه من مصر أن ينجيه من القوم الظالمين فأخبره شعيب عليه السلام بالنجاة وترجى أن يهديه سواء السبيل وهو في معنى الدعاء فورد مدين، وسأله الرزق فدعاه شعيب ليجزيه أجر ما سقى وزاد تعالى فكفاه رزق عشر سنين ووهب له زوجا يسكن إليها.
قوله تعالى: (قالت إحداهما يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين) اطلاق الاستيجار يفيد أن المراد استخدامه لمطلق حوائجه التي تستدعي من يقوم مقامه وان كانت العهدة باقتضاء المقام رعى الغنم.
وقوله: (ان خير من استأجرت) الخ، في مقام التعليل لقوله: (استأجره) وهو من وضع السبب موضع المسبب والتقدير استأجره لأنه قوى أمين وخير من استأجرت هو القوى الأمين.
وفى حكمها بأنه قوى أمين دلالة على أنها شاهدت من نحو عمله في سقى الأغنام ما استدلت به على قوته وكذا من ظهور عفته في تكليمهما وسقى أغنامهما ثم في صحبته لها عند ما انطلق إلى شعيب حتى أتاه ما استدلت به على أمانته.
ومن هنا يظهر أن هذه القائلة: (يا أبت استأجره) الخ، هي التي جاءته وأخبرته بدعوة أبيها له كما وردت به روايات أئمة أهل البيت عليهم السلام وذهب إليه جمع من المفسرين.
قوله تعالى: (قال انى أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج) الخ، عرض من شعيب لموسى عليه السلام أن يأجره نفسه ثماني سنين أو عشرا
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست